Abstract:
إن المتتبع لتاريخ مدينة القدس يلاحظ أنها مدينة تمتعت بقدسية دائمة . ةلعل هذه الأهميد الدينية كانت من أبرز العوامل التي ساعدت على بقاء القدس قائمة في هذا الوجود ، متصدرة طليعة المدن والبلدان على الرغم من أنها كانت مطمعاً للغزاة منذ قديم الزمان .
وقد ظلت القدس محط أنظار المسلمين والمسيحيين في جميع أنحاء الأرض ، يأتونها من كل حدب وصوب ، فهي رمز القداسة والطهارة للجميع .
كما أننا نستطيع القول ان اليهود طمعوا في القدس ، وأعدوا العدة منذ فترة طويلة للاستيلاء عليها ، واستطاعوا تنفيذ ذلك في سنة الف وتسعمائة وثمانية وأربعين ، حيث احتلوا القسم الغربي ، وفي سنة الف وتسعمائة وسبعة وستين استولوا على القسم الشرقي منها ، وقاموا يتوحيدها واعلانها عاصمة لهم .
وبما انني واحدة من أبناء الشعب الفلسطيني يشكل عام ومن سكان القدس بشكل خاص ، فانني أدرك حجم المخاطر التي تتهدد مدينتنا المقدسة والمتمثلة بسياسة التهويد ومحاولة تغيير المعالم الاسلامية فيها ، وطمس الهوية الفلسطينية ، وكذلك عدم السماح لغير ابنائها من الدخول اليها . ولكل هذا ارتأيت أن أوفي مدينتي حقها من خلال محاولة دراسة صورتها في الشعر الفلسطيني في القرن العشرين وتحديداً من بداية الانتداب البريطاني على فلسطين الى نهاية القرن العشرين .( 1917 – 1999 ) .
وقد أبرزت الدراسة صورة القدس في الشعر الفلسطيني في المراحل الزمنية المختلفة ، حيث قسمت البحث الى تمهيد وخمسة فصول وخاتمة . تناولت في التمهيد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في فلسطين . وقد بينت الدراسة أن الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في فلسطين قد انعكس على الشعر الفلسطيني ، فالشعر مرآة المجتمع.
وتحدثت في الفصل الأول عن صورة القدس في الشعر الفلسطيني من الانتداب البريطاني على فلسطين الى النكبة ( 1917 -1948 ) وقد ظل ذكر القدس في هذه الفترة يرد لماماً هنا وهناك ، لأن القضية في تلك المرحلة لم تكن قضية مقدسات بقدر ما هي قضية الأرض ذاتها . وسيطر على الشعر الحزن والأسى الممزوج بالتفاؤل .
وفي الفصل الأول تحدثت عن صورة القدس في الشعر الفلسطيني من النكبة الى النكسة ( 1948 -1967 ) وقد كان الشعر في هذه الفترة الذي صور القدس في معظمه شعراً ثورياً ، وهو رفض للواقع ، وفي الوقت نفسه ، بيّن جوانب الحزن والأسى التي تحياها القدس ومقدساتها .
وتحدثت في الفصل الثالث عن صورة القدس في الشعر الفلسطيني من النكسة الى بداية الانتفاضة الأولى ( 1967 – 1987 ) وقد امتاز الشعر في هذه المرحلة بورود الصور الحزينة التي تعبر عن حالة الأذى والاضطهاد التي تعرضت لها القدس .
وفي الفصل الرابع تحدثت عن صورة القدس في الشعر الفلسطيني من الانتفاضة الى نهاية القرن العشرين ( 1987 – 1999 ) وقد لاحظنا أن الشعر الذي صور القدس في هذه المرحلة عبّر عن مرحلة جديدة تمحورت حول قضية التمرد على الاحتلال ، كما ظهرت عناصر مهمة كان لها تأثير على توجيه أقلام الشعراء ، وهي محاولة تهويد القدس ومحاولة طمس معالمها ، واتفاقية أوسلو التي أوقفت الانتفاضة .
أما الفصل الخامس فقد تناول البناء الفني للشعر الفلسطيني الذي صور القدس ، وقد قسمت الفصل الى ثلاثة أقسام ، هي الصورة الشعرية والموسيقى واللغة . وبالنسبة للصورة الشعرية فقد تراوحت بين بين الصور الجزئية والصور الكلية ، وبعضهم اعتمد على الصور التقليدية المباشرة . وقد استند بعض الشعراء الى التراث في خلق تفاعل مع الواقع .وفيما يخصّ الموسيقى ، فان معظم الشعراء الفلسطينيين الذين صوروا القدس في شعرهم قبل النكبة قد التزموا الوزن والقافية ، لكن بعد النكبة فقد تحرر معظم الشعراء من السير على نهج القصيدة العمودية ، ونظموا الشعر الحر وذلك لأسباب مختلفة . أما اللغة الشعرية ، فإن أهم ما ميزها هو تفاعلها مع روح المجتمع الفلسطيني ، لذا هي في أحيان كثيرة اقتربت من روح الشعب نتيجة استخدام الشعراء ألفاظاً مفهومة غير مبهمة .
وقد احتوت الخاتمة على مجموعة من النتائج التي توصلت اليها الدراسة .