Abstract:
لا يخفى أن الشريعة الإسلامية التي جعلها الله خاتمة الرسالات السماوية، لا تقتصر على الهداية الروحية فقط، بل شملت جميع جوانب الحياة العامة، سواء تعلق الأمر بالمعاملات، أو العبادات، وكانت صالحة لكل زمان ومكان.
لكن صلاحيتها تتطلب منا ــــ علماء وباحثين ـــ أن نجيب على مختلف النوازل المستجدة، والمشكلات المستحدثة التي يعيشها العالم اليوم، حتى نقدم الشريعة الإسلامية للعالم بالوجه اللائق بها، لذلك يأتي هذا البحث الذي أسميته: (فقه المعاملات في المذهب المالكي/البيوع أنموذجا) للمساهمة في سد بعض الفجوات التي نعيشها في واقعنا اليوم، بالإضافة إلى بعض الردود المتعلقة بالمشككين في قدرة الفقه على استيعاب الحاضر، ومسايرة المتجدد، معللين ذلك باختلاف الفقهاء في بعض المسائل الفقهية، غير مدركين للفائدة العظيمة المترتبة على اختلاف الفقهاء.
ولهذا وغيره، اخترت أن يكون منطلق البحث (مذهب إمام دار الهجرة )مالك بن أنس ـــ رحمه الله ــــ الذي يعتبر واسطة العقد، ونقطة الوسط في المذاهب الإسلامية .
وبالإضافة إلى ما تناولته في ثنايا البحث من معاملات تقليدية وعصرية، ومن تطبيقات تلك المعاملات، فإني تناولت فيه كذلك عناوين أخرى لها أهمية كبيرة في إبراز هوية البحث، ومنها أهمية اعتماد المعاملات المالية الشرعية في الأنشطة الاقتصادية المختلفة لأنها قد تجنب العالم كثيرا من الأزمات المالية التي يتخبط بها بسبب المنظومة المالية القديمة، بالإضافة إلى البعد المقاصدي في الفقه المالكي ومرونته.
وقد اتبعت " المنهج الاستقرائي التحليلي " في أغلب الأحيان، وقد أخرج عنه في بعضها إلى ما يعرف بالمنهج التكاملي،مع تحرير الأقوال وعزوها إلى أصحابها و تخريج الآيات، والحكم على الأحاديث التي قد أستشهد بها،كما أن هذا البحث يعالج إشكالية موضوعه ضمن مساراته المختلفة؛ في إطار بنائه الهيكلي وعمقه البحثي، ويجيب على عدة أسئلة يرتبط بحثها بطرح إشكاليته، مثل أهم اجتهادات علماء الفقه المالكي في البيوع،و أساس هذه الاجتهادات ، وما مدى ملائمتها لعلاج الأزمة المالية الحالية ...إلخ.
وبعد الانتهاء من هذا البحث فإنني توصلت إلى كثير من النتائج، منها على سبيل المثال:
1 - أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان .
2 - أنه كما يحرم بيع المحرمات، فإنه يحرم أيضا بيع ما هو وسيلة إليها.
3 - أن المحرم لذاته لا ينفك عنه التحريم مهما تناقلته الأيدي .
4 - أن الأصل في البيع الحل، ما لم يرد نص يحرمه .
5- أنه كما يحرم بيع المحرمات، فإنه يحرم أيضا بيع ما هو وسيلة إليها، وذلك كبيع السلاح لمن يعلم أنه سيستخدمه في جريمة، أو يقاتل به مسلما، وكبيع العنب لمن يصنعه خمرا ..إلخ، لأن ذلك ذريعة للفساد والخراب.
وأخيرا فإنني أوصي بالآتي :
- تعميق البحث في مجال المعاملات المالية، وخاصة في الدراسات العليا حتى نتمكن من مواكبة النهضة الاقتصادية الحديث التي يشهدها العالم اليوم.
- طباعة البحوث المتميزة التي نالت توصية من لجان النقاش التي أشرفت عليها، كي يستفيد منها طلبة العلم .
- زيادة الميزانية المخصصة للبحث العلمي في المعاهد والجامعات، وخاصة تخصص الشريعة الإسلامية .
- إيجاد نظام يتم بموجبه التنسيق بين جهات التوظيف من جهة، والجامعات والمعاهد من جهة أخرى لتوجيه الطلاب إلى التخصصات التي يحتاجها المجتمع في دينه ودنياه – لا دنياه فقط – كما هو الحال الآن .