Abstract:
يمتاز السودان بتنوع وثراء ثقافى شديد الخصوصية ، ولما كان سؤال الهوية بالنسبة للدراما / المسرح السودانى ما زال هاجساً يؤرق بال كثير من الباحثين والمفكرين ، وكذلك قضية الأصالة والمعاصرة ، سعت الدراسة إلى ضرورة استلهام التراث الشعبى السودانى وتوظيفه فى دراما المسرح ، لخلق دراما / مسرح سودانى له خصوصيته وسماته شكلاً ومضموناً ، والالتفات والنظر الى التراث الشعبي السوداني وتحقيقه ودراسته علمياً ونقدياً والاستفادة منه لخلق العرض المسرحى ، والبحث فى علاقة الشعبى والأدبى بطبيعة الفعل الدرامى / المسرحى ، فى حركة جدلية ، وذلك لأن الدراما / المسرح لم يولد كنص أدبى وإنما كعرض مسرحى فني شامل باعتبار أن الدراما / المسرح فن مركب ومتداخل ، وترجع ذاكرته إلى أكثر من خمسة وعشرين قرناً من التجربة والتراكم ، وله رصيده المؤسسي والتاريخي بمكوناته النظرية والفلسفية والجمالية والمعرفية.
إن العملية الابداعية فى موضوع نظر ومراجعة دائمة ومتجددة ، وذلك لأن الماضى فى جدل دائم مع الحاضر ، وكل إبداع هو طرف بالضرورة فى هذا الجدل ، فهو جدل مع الماضى ، وجدل مع الحاضر نفسه ، إذن فالماضى والحاضر هما بعدان فى العملية الإبداعية والبعد الثالث هو المستقبل الذى يشكل نافذة مفتوحة للتجدد ، علما بأن الحاضر نفسه ليس ساكناً بل متحرك نحو المستقبل ، لتحقيق وعي جديد استناداً على الماضى الذى يتجدد باستلهامه وتوظيفه .
وبما أن الدراما / المسرح بشكله الارسطى وافد على الثقافة السودانية ، فإن الدراسة تحاول أن تؤسس لدراما / مسرح سودانى يستند على تراثه وحضارته ، بتجذير الظاهرة المسرحية ، إنطلاقا من أن البشر جميعاً يمتلكون بدرجات متفاوته إمكانية تذوق الجمال وإبداعه ، دون إنكار التاريخ الإنسانى وما حققه فى هذا المجال ـ الدراما / المسرح ، ولكن بالرجوع للمجتمع السودانى والبحث فى حضارته وتاريخه وتراثه للإجابة عن سؤال : المسرح السودانى هل هو سودانى ؟ وتأصيله ، لنقدم مساهمتنا الإبداعية فى الحضارة الإنسانية .