Abstract:
يستند هذا البحث على مجموعة نقاط ، تتشكل من خلال وعي الباحث بالبحث المطروح من ناحية بنية البحث ، التي لم يغلقها الباحث ، بل إن هذه البيئة تعتبر جزءاً أساسياً من الثقافة .
لقد ذهب الباحث في الباب الأول إلى الموضوع العام و هو مكونات ثقافة الطفل، و تأثيراتها على تكوين شخصيته المستقلة ، فتناول تأثير المحيط الداخلي و الخارجي و المؤسسات غير الرسمية في تشكيل هذا الطفل الذي يتحول إلى عجينة أو إسفنجة تمتص كل الثقافات ، ثم يعكسها من خلال تصرفاته و سلوكه ، و تعامله مع البيئة . لكن الثقافة التي يستهلكها الطفل، لابد أن ترى طرقاً و أساليب يتقبلها الطفل ، لذلك لجا الباحث إلى الأساليب و الطرق حسب الفئات العمرية لكل مرحلة ، و وجد أن اللعب بأنواعه من افضل الأساليب التي يتلقى الطفل من خلالها ثقافته و يكوِّن شخصيته .
و انطلاقاً من اللعب بأنواعه حدد الباحث طريقة للدخول إلى مسرح الأطفال ، بتاريخه و أشكاله المتعددة ، فيوحّد نفسه مع مسرح الأطفال في سورية وجهاً لوجه من خلال تسلسل المواضيع و الأفكار التي طرحها في الباب الأول ، الذي يعدّ ضرورة بحثية ، و منهجية لتمهيد الثقافة و كان لزاماً على الباحث أن يدخل مسرح الطفل في سيرورة المسرح العربي ، ويرتبط به ارتباطاً وثيقاً ، فقدم وجهة نظر تاريخية حول بدايات المسرح العربي ، والتأثير المتبادل بين المسارح في الدول العربية و خاصة مع مصر الشقيقة، ثم تأثير المسرح الأجنبي ( التركي – الفرنسي – الإنكليزي ) عليه.
وكانت البدايات الأولى للمسرح الطفلي مع الفنان عبد الوهاب أبو السعود الذي يعود إليه الفضل في إرساء قواعد المسرح المدرسي وبالتالي انتشار هذا الفن النبيل في المدارس خلال ثلاثينيات القرن الماضي ، و ظهر في نفس الفترة تقريباً فنان مسرحي آخر يدعى رضا صافي الذي أغنى الحركة المسرحية الطفلية في سوريا و أضاف نصوصاً مسرحية ما زالت الذاكرة و دور النشر تحتفظ بها ، و هكذا يمر الباحث على مجموعة فنانين قدموا للحركة المسرحية و النص المسرحي الموجه للأطفال في إطار المسرح المدرسي إلى أن يصل الباحث إلى فترة السبعينيات حين تأسست منظمة الطلائع ، و الشبيبة ، فكان لمهرجان الطلائع دوي في آذان غالبية الكتاب ، فشرعوا في كتابة نصوص للطلائع حتى بدت ظاهرة مسرح الطلائع تتبلور و تتشكل مع استمرار المهرجان السنوي ، بينما كان المسرح الشبيبي و مازال يعمل فيه هواة، و في الأساس ، يقف هذا المسرح بين حدود وزارة التربية و حدود منظمة الشبيبة .
و عندما يصل الباحث إلى مسرح الأطفال في وزارة الثقافة ، باعتبارها الوزارة المعنية بثقافة الطفل و فنونه و أشكاله التعبيرية ، يجد الباحث متنفساً من مسرح العرائس الذي قدم اجمل نصوص عرائسية رغم عدم وجود كادر لهذا المسرح ، كون العاملين فيه انطلقوا من الإحساس الفطري في قضية الإخراج و تصنيع الدمى و غيرها ... إلا أنَّ المشكلة في هذا المسرح كانت عدم وجود كتّاب لهذا النوع .
في الباب الثالث يحلل الباحث مجموعة مسرحيات تنتمي إلى مراحل مختلفة منذ البدايات لرصد تطور النص المسرحي ، و بالتالي تطوير الحركة المسرحية الطفلية في سورية مع الاهتمام المتزايد في الفترة الأخيرة بثقافة الطفل بشكل عام ليس في سورية فحسب ، بل في الوطن العربي كافة .
تناول الباحث نصاً للشاعر عبد الكريم الحيدري ، و نصين للكاتب رضا صافي ، ثم انتقل إلى مرحلة متقدمة في السبعينات للكاتب سلام اليماني، واكرم شريم ، فرحان بلبل ، و محمد بري العواني ..
و أخيرا كان النص المسرحي الموجه للأطفال تتجاذبه المؤسسات الراعية لمسرح الأطفال ، فمثلا لا يوجد نص من المسرح المدرسي لعدم توثيقه ، و كذلك غالبية الذين كتبوا للمسرح المدرسي كانوا مربين و أساتذة يقدمون عرضا مسرحياً في نهاية العام الدراسي ضمن حفل عام ، و للحقيقة فإنهم لم يدركوا جوهر الإبداع الدرامي ، و فنية النص، و حبكته ، فكل ما جاء كان بمثابة نصوص أدبية لا اكثر .