Abstract:
ملخص البحث:
يلعب المسرح دوراً أصيلاً من خلال مايقدمه من افكاروثقافات، كما كان له الاثر الواضح فى استقلال البلاد ومن بعد رسم سياسات التطور وظل قائماً بالرقابة الاجتماعية على كل ما خرج عن الذوق العام فهو بذلك مسرح للفرجة والمجتمع كما ساهم المسرح في السودان مساهمة جادة في مناهضة الاستعمار وتوحيد النسيج الاجتماعي لأبناء الوطن الواحد وكان له الأثر الواضح في تشكيل ذهنية الجماهير وأيقاظ وعيها تجاه القضايا السياسية، مما جعله أداة فاعلة من أدوات التغير الاجتماعي والسياسي في البلاد، في بعض الفترات التي شهدت تطور العمل السياسي وتطور أدواته، من خلال هذه الدراسة التحليلية لواقع المسرح في السودان، تعرض الباحث لأهم فترات المسرح في السودان والذي مثلته كما يرى الباحث فترة نظام مايو بكل مظاهرها وتناقضاتها وتحولاتها السياسية وتاثير هذه التحولات الفكرية والسياسية على هذا الواقع، كما حاول أن يصل إلى تحليل هذا الواقع والكشف عن التاثير المباشر الذي أحدثته هذه التحولات على المسرح، بأبعادها الاجتماعية والسياسية ليأخذ المسرح من بعد دوره الطبيعي والطليعي في الإسهام في حفظ النسيج الاجتماعي وإذكاء الروح الوطنية ورفع مستوى الوعي العام بالقضايا المصيرية التي تشكل الواقع .
قدم الباحث من خلال هذا البحث دراسة عن التحولات السياسية والفكرية وتاثر المسرح بها طارحاً عدداً من التساؤلات والإجابات من خلال استعراض الفترة الزمنية موضوع البحث في أي المراحل من عمر نظام مايو، إزدهر المسرح في السودان وتناول الظروف السياسية والفكرية التي كانت تحيط بكل مرحلة أم لم يشهد ازدهاراً على الإطلاق في كل هذه المسيرة الطويلة التي امتدت إلى ستة عشر عاماً.
كما حاول الإجابة على سؤال هل كان المسرح يعيش صراعاً بين تعسف السلطة وطموح المثقف؟ وهل كانت له المبادرة في صياغة وصناعة واقع الجماهير أم كان منزوياً هامشياً في جميع أطروحاته، خلال كل هذه المراحل، عبر الباحث عن فكرة تطور نظام مايو في تعامله مع المسرح من خلال منظور أن المسرح بدأ معبراً عن أقصى اليسار السياسي ثم الطائفية وانتهى إلى أقصى اليمين الديني ، واهتم نظام مايو بالحركة الثقافية والفكرية في بداياته. ويتضح ذلك افتتاح أو دعم مؤسسات عملت على الاهتمام بجميع أوجه الثقافة والتي كان المسرح أحد أدواتها الفاعلة مثل معهد الموسيقى والمسرح في العام (1969) والذي كانت بدايات فكرة إنشائه خلال فترة حكم السيد إسماعيل الأزهري الذي تحول لاحقا ليصبح كلية متخصصة للدراما والموسيقى وكذلك إنشاء إدارة الفنون المسرحية والاستعراضية في العام (1972م) والحركة المسرحية النشطة التي كانت تعبر عنها المواسم المسرحية.
خلص الباحث إلى أن نظام مايو قد ساهم بصورة أو بأخرى في شحذ عزيمة المبدعين كما أتاح لهم قدراً من الحرية ازدهر على أثرها المسرح وقدم أجمل أعماله على الإطلاق. وقد كان المسرح حاضراً ومعبراً عن واقع الجمهور ومرضياً لتطلعاتها في كشف تناقضات النظام السياسي والاجتماعي الذي ساد تلك الفترة، رغم ذلك فقد أفلح المثقفون في توجيه وإصلاح الواقع الاجتماعي عبر الخطاب المسرحي المباشر متأثرين بالحركة الإبداعية السائدة إبان تلك الفترة حيث كان أبرز ما يميزها طموح المثقفين في ضرورة نهضة المسرح وتطوير أدواته التي كانت تحكمها ظروف التحول الفكري والسياسي المحيط بالواقع والممارسة السياسية انعكس كل ذلك إيجاباً على حركة الإبداع والعطاء المسرحي في تلك الفترة حيث جعلت أهل الدراما يتدفقون عطاءً غير محكومين بسلطة النظام المايوي الذي بدأ متوافقاً مع ضرورة أن يلعب المسرح دوراً في الحياة العامة، مما نتج عن ذلك مسرح مؤسسي تحكمه آليات الإبداع وعطاء المبدعين من حيث البنيات والنصوص والممثلين والجمهور الذكي.