Abstract:
لقد انبهر المسلمون بما وصلت إليه الحضارة الغربية من رقي ٍّ وتقدم في مجالات العلوم والتكنولوجيا , ووسائل الإعلام والاتصال, فانخرطوا في سياقها بقيمها ومبادئها .
ويلاحظ أن هناك قلقاً عاما ًيسود العالم بسبب هذه القيم الغربية وما أحدثته من انعكاسات تربوية سلبية على الواقع التربوي والأخلاقي, فأخذت كثير من الأقلام التربوية تشكو من النتائج السيئة والسلبية لهذه القيم وتهاجمها,وتدعو إلى إعادة النظر في تشكيل العلاقة بين التربية والقيم.
وتبدو مهمة التربية اليوم أكثر خطورةً في مواجهة هذه التحديات المعاصرة المستندة إلى القوة الاقتصادية وتكنولوجيا الإعلام والاتصال,والتي تؤثر سلبا على البشرية وتؤدي إلى تخلفها عن القيم الفاضلة , والمبادئ السامية التي حث عليها الدٍّين الإسلامي ,وتسليح الأجيال بالعلم والمعرفة والقيم الصحيحة الراسخة , وذلك باعتماد المنهج التربوي الذي جاء به القرآن ليكون أداة للتغيير الثقافي والاجتماعي في جميع المجتمعات البشرية وأداة صياغة الإنسان وتوجيهه.
ومن ثم يجب بناء الأنظمة التربوية ووضع البرامج التربوية والتعليمية على أساس المنهج التربوي المتكامل الذي يقدمه لنا القرآن, وتحقيق قيمه وأهدافه.
وهنا تكمن أهمية النظام التربوي ودوره في التربية خطورته على القيم والأهداف المستمدة من المصدر التشريعي لهذا النظام وتمثلها وتحقيقها في واقع الناس سلوكاً وممارسةً.
والقرآن الكريم وهو المصدر الأساس للتربية قد اشتمل جانب كبير من آياته وسوره على قصص تربوي ٍّتتضمن جوانب تربويةٍ عظيمةٍ من التوجيه القرآني القويم , وتزخر بالعديد من المفاهيم والمبادئ التربوية المؤثرة في حياة الإنسان الوجدانية والخلقية .
وتسعى هذه الدراسة لتسليط الضوء على هذه المضامين التربوية , لتؤكد أن هذه المضامين بما تحمله من خصائص وسمات ٍمتميزةٍ مؤهلةُ لإنقاذ المجتمع المعاصر من الأزمات والمشكلات التي يتخبط فيها ,ومؤهلة ُكذلك لأداء دورها في بناء الإنسان على أسس إيمانية ربانية وسلوكياتٍ أخلاقيةٍ تختلف تماماً عما هو عليه الآن ,فهي مضامين تربوية إلهيةُ,واللًّه سبحانه وتعالى هو المربي الأول للإنسان وخالقه,ومن ثم فهو الأعلم بالقيم والمبادئ التي تتجاوب معها فطرته التي أوجده عليها.
أهداف البحث:-
تهدف الدراسة إلى تحقيق ما يلي :-
1.استنباط المضامين التربوية للقصص القرآني في سورة الكهف.
2.التعرف على أنواع هذه المضامين .
3. توضيح كيفية الاستفادة منها في العملية التربوية .
أهمية البحث :-
إنَّ المتتبع للبحوث والدراسات التي أجريت على القصص القرآني يستطيع أن يقف أمام العديد من الدراسات التي اهتمت بالعلاقة بين القصة القرآنية والحدث التاريخي .
وبالرغم من الكم الهائل من الدراسات التي تناولت القصة في القرآن , إلاَّ أنَّ الجانب التربوي لم يلقَ في تقدير الباحثة القدر الكافي من الاهتمام .
لذلك فإنَّ أهمية الدراسة تنبع من أهمية الموضوع الذي تتناوله , وتتمثل أهمية الدراسة في كونها تلقي الضوء على المضامين التربوية الواردة في بعض قصص القرآن الكريم , ممَّا عساه أن ينشئ بعداً تأصيلياً في العملية التربوية .
نتائج الدراسة:-
يمكن إيجاز أهم نتائج الدراسة فيما يلي:-
1.أبرزت الدراسة ما للقصة من خصائص وسمات لا تتوفر في أي أسلوب تربوي آخر.
2.أبرزت الدراسة الفروق الأساسية بين رؤية الفلاسفة للقيم ورؤية القرآن الكريم.
3.أبرزت الدراسة العلاقة الوطيدة بين القيم وأهداف التربية , ذلك أن أي أهداف تربوية لبست في النهاية إلا تعبيرا عن أحكام قيمية.
4.أسفر تحليل القصص موضوع الدراسة عن استنباط ( 172 ) من القيم و( 75 ) من الأهداف فيما يتعلق بالتحليل الكمي.
5.تمكنت الدراسة من إبراز أهمية الأهداف في حياة الأفراد والجماعات, وفي توجيه الجهود التربوية المبذولة الوجهة الصحيحة.
6.أبرزت الدراسة أهمية القيم في تحديد أهداف العملية التربوية وقيادتها للعمل التربوي .
7. أوضحت الدراسة كيفية الاستفادة من القيم التربوية الموجودة في سورة الكهف في العملية التربوية .
التوصيات المبنية على أهمِّ النتائج الإيجابية :-
1-توصي الباحثة بضرورة تكثيف الجهود البحثية الرامية للاستفادة من الأصول الإسلامية في تحديد القيم التي تحكم بناء المجتمعات الإسلامية .
2-مساندة جهود الباحثين في التربية لدراسة القصص القرآني بهدف الوقوف على مضامينه التربوية, وإبراز كيفية الإفادة منها في العملية التربوية.
3-مساندة جهود الباحثين المهتمين بتلخيص القصص القرآني لإخراجه في صورة تتلاءم وحاجات الناشئة المسلمة ليتحول هذا القصص لأداة فعالة لغرس القيم الإنسانية الرفيعة.
4-دعم المحاولات الجادة التي ترمي لإحياء الشخصيات الإسلامية وجعلها الأبطال الرئيسة في القصص والروايات.
5-مساندة سعي الأدباء الرامي لإعلاء القيم الإسلامية الرفيعة في أعمالهم, وذلك للوقوف في وجه الأدب الرخيص الفاسد والمروج للقيم الهدامة.
6-نشر الوعي بأهمية القيم وتبني الأهداف المتضمنة في القصص القرآني في التربية بشكل خاص وفي المجتمع بشكل عام, ومن خلال المناهج والأجهزة الإعلامية والأنشطة الموجهة.
7-تنسيق جهود الباحثين في القرآن الكريم عن القيم والأساليب التربوية ليتمكنوا من بلورة نسق قيمي واضح المعالم ,يشتمل على القيم والمثل العليا الإسلامية ليكون دليلا هاديا لكل المشتغلين بالتربية أينما كان مجالها, ومرجعا لكل مشتغل بالكتابة أيا كان مجالها أيضا.