Abstract:
الإنسان مخلوق اجتماعي بالفطرة وهذه الفطرة تهيئ للبشر التعاون فيما بينهم وتكون أعمال الحياة الضرورية قسمة فيما بينهم قال الله تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ). وسمي الإنسان إنسان لعدم صبره على الوحدة والتوحش وسعيه الحسيس على الإنس .فالتنظيم الأسري وتطوره إلي التنظيم الاجتماعي عرف مفهوم السلطة منذ القدم فهي تنظيمات طبيعية وفطرية ومنذ البداية كانت السلطة بيد حكيم القبيلة فالمشكلة إذا ليست وجود القبيلة ولكنها في أن ينقلب الولاء العشائري إلي تعصب ممقوت للقبيلة أو إلي نعرات عنصرية بغيضة ،والرسول الكريم كان يدرك أهمية الانتماء القبلي في دعم التماسك الاجتماعي والأخلاقي فكان يسمح لبناء العمومة أو العشيرة بالقتال جنبا إلي جنب لما له من أثر نفسي يؤدي إلي الشعور بالطمأنينة ولايعني ذلك أن الرسول صل الله علية وسلم كان يكرس بهذه العصبية العرقية التي حاربها الإسلام منذ الوهلة الأولي.
وإن الإدارة الأهلية كتنظيم إداري قضائي قديم وراسخ في وجدان مواطني دارفور، وقد عرف منذ عهود سلاطين الفور، حيث يعمل رجال الإدارة الأهلية على منع ارتكاب الجرائم، والتبليغ عند وقوعها، والقبض على الجناة وملاحقتهم ، واتخاذ الإجراءات اللازمة مثل تقديمهم إلى المحاكمة، كما أن عليه إحضار الشهود في التاريخ المحدد أو إخطارهم به للمثول أمامهم، فكثيراً ما تنشأ منازعات بين القبائل حول الأرض أو المرعى أو الحدود فيما بينها أو حول الطرق التي تعرف بالمسارات فيقوم زعماء القبائل المحايدة من رجالات الإدارة الأهلية بالوساطة والعمل على فض هذه المنازعات وفق الأعراف السائدة ويحسم الأمر بحيث يقبل الطرفان المتصارعان فتعود الحياة إلى مسيرتها الأولى ويستمر التعامل بينهما إلى ما كان عليه سابقاً وربما بصورة أفضل حيث يتحاشى كل طرف الاعتداء أو الإساءة إلى الطرف الآخر تفادياً لتجديد النزاع.