Abstract:
لا شك أن حركة الترجمة تعد من الأمور الحيوية لنهضة الأمم ونجاتها من التخبط في ظلمات الجهل، خاصة الترجمة الهادفة للكتب والمؤلفات المفيدة التي تقدم عصارة تجارب الآخرين في شتى المجالات المهمة، فتوفر الكثير من العناء والجهد والمال والوقت. وهذا الكتاب يشخص المشكلة ويقدم الحل لأخطر الإشكالات الاقتصادية وكيفية تفاديها في الوقت الراهن في الدول التي تواجهها حول العالم والدول النامية على وجه الخصوص.
أما فيما يخص الكتاب موضوع الترجمة فهو بعنوان " العولمة ومساوئها" قام المترجم بترجمة الصفحات من (205-254) التي تمثل خاتمة الكتاب في فصليه الثامن والتاسع، وتناولت في مجملها الأجندة الأخرى والجديدة لصندوق النقد الدولي(IMF) وتأثيرها على كثير من البلدان خصوصاً بلدان شرق آسيا، بالإضافة إلى مقترحات الحل للمضي نحو الأمام في طريق الإصلاح لنظام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي(IMF).
فتناول الفصل الثامن تحديداً الأجندة الجديدة لصندوق النقد الدولي(IMF)، وأن صندوق النقد لا يسعى وراء أهدافه المعلنة على الصعيد الرسمي فحسب -وهي التي تُعنى بتعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي وضمان وجود تمويل للدول التي تواجه مخاطر الركود ليسعى وراء سياسات توسعية – بل يسعى أيضاً وراء المصالح التي يجنيها من المجتمع المالي، حيث أن الصندوق قد شدّد على حصول الدائنين الأجانب على السداد بدلاً من الإبقاء على الاستثمارات الأجنبية مفتوحة وغيرها من الأسباب التي أدت إلى ظهور الغضب ضد الصندوق الدولي. وتناول الفصل التاسع مقترحات الحل للمضي نحو الأمام في طريق الإصلاح لنظام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي(IMF)، فوجهة نظر استيقلتز أن المشكلة لا تكمن في العولمة وإنما في المؤسسات الاقتصادية العالمية، وفي صندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية (WTO)، التي ساعدت في وضع قواعد اللعبة، وكانت توجد مقاومة في داخل هذه المؤسسات ضد عملية الإصلاح لنظامها، وقد فعلوا ذلك بطرق خدمت كلها في الغالب، مصالح الدول الصناعية الأكثر تقدماً، ومصالح معينة في تلك الدول، أكثر من تلك التي في دول العالم النامي. إلا أن جوزيف استيقلتز يؤمن بأنه يمكن إعادة تشكيل العولمة للاستفادة منها في الخير، ويؤمن بأنه يمكن إعادة تشكيل المؤسسات الاقتصادية الدولية بالسبل التي ستساعد على ضمان تحقيق ذلك. فقدم مقرحات للإصلاح في هذه المؤسسات الدولية بالتوازن بين المصالح والأيدولوجيات وإصلاح الإداري ورفع مستوى الشفافية، ذاكراً ما نحتاج إليه في جهود الإصلاح لإعادة صياغة أنظمة المؤسسات الدولية العالمية وإسداء العون لدعم التنمية وإعفاء الديون والتوازن في أجندة التجارة لمراعاة مصلحة الدول لنامية تحقيقاً للتجارة العادلة، للتوصل إلى عولمة بوجه أكثر إنسانية.
كان أسلوب جوزف استيقلتز في كتابه هذا بليغاً متحفظاً ودبلوماسياً إلى درجة عالية، وتميز انتقاده للبنك والصندوق الدوليين بأنه علمي موضوعي هادف. إلا أن مما شكل تحدياً في ترجمة الكتاب أن الكاتب جوزيف استيقلتز كثيراً ما استخدم الجمل الطويلة التي تصل أحياناً إلى سبعة أسطر، كما أسهب في استخدام الجمل المعترضة الشارحة والمفسرة، والتعابير الاصطلاحية والكنايات الموجودة في ثقافته، وذلك حرصاً ليكون فهمه يسيراً على القراء غير المتخصصين في الاقتصاد. وكلي أمل في ينتفع الناس بهذا العمل لاسيما القائمين بأمر هذه البلاد حتى تعم الفائدة ويعبروا بالوطن إلى بر الأمان.