Abstract:
تناول هذا البحث إشكاليات التأسيس والتأصيل في علم المقاصد بمنهجين استقرائي تحليلي، ومقارن. وسعى إلى البحث في التّموقع العلمي التأسيسي أو التأصيلي للإمام الشاطبي. ثم استكناه المقاصد الخمسة المشهورة، وكيف السبيل إلى توسيعها بما ينسجم مع التشريع الإسلامي، وحدود إمكان هذا الافتراض. وتكمن أهميَّة هذه الدِّراسة في أنَّ المقاصد تلامس واقع النَّاس، وتباشر حياتهم العملية، وتسهم في معالجة قضاياهم، وحل معضلاتهم، بما يتوافق مع روح الشرع من جهة ونوازل التغير من جهة أخرى خاصّة في الواقع الإسلامي المعاصر المتّسم بكثرة التحوّلات وسرعتها وتشعّب ما ينتج عنها من معضلات اقتصادية واجتماعية وثقافية متنوّعة. وتوصلت الدِّراسة إلى جملة من النتائج منها أنّ الشاطبي مؤصّل المقاصد، باعتبارها علماً، من حيث النشأة والاختراع والتنظيم والإبداع، دون أن يعرّف هذا العلم تعريفاً اصطلاحياً، تماما كما فعل ابن خلدون في مقدمته مع علم الاجتماع. فعلم المقاصد علم يُعنَى بالغايات التي راعاها المشرع، باعتبار أنّ كل الشرائع جاءت من أجل المحافظة على هذه الكليات الخمس، فالمصلحة لا تكون معتبرة، ولا يعتد بها إلا إذا ارتكزت عليها. وبما أن ابن عاشور، وهو صاحب دعوة الفصل بين علمي الأصول والمقاصد، لم يؤسس أصولاً يمكن جعلها مبادئ وأسساً، يتكئ عليها علم مقاصد الشّريعة، فقد ظلّت هذه الدعوة مرسلة بلا تأسيسٍ، فظلّت رغبة أكثر من كونها واقعاً يهتدى به. وأكّد البحث أن الواقع الإسلامي اليوم يستوجب مزيد بذل الجهد في استكناه أسرار الشّريعة، وتعليل أحكامها وتأصيل أصولها، وتقعيد قواعدها، والانتقال من التّنظير إلى التّطبيق لأن أغلب المنجز في السّياق المقاصدي ينحو منحى التّجريد والتّنظير.