Abstract:
مفهوم العبث هو مصطلح يقصد به الباحث فى هذا البحث، الفلسفات المادية التى ظهرت فى أوخر
القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، من ج ا رء وقوع الحربين العالميتين الأولى والثانية والتحولات
الإجتماعية الكبرى بفعل التطور التكنولوجى الذى اهمل القيم الإنسانية ، وكان السبب فى ظهور الكثير
من الحركات الفنية الثائرة على كل قواعد وأسس الفنون الكلاسيكية فى ) التشكيل، الموسيقى، الشعر،
الإنجليزية التى أطلقها الناقد absurd المسرح الخ .. ( . كلمة عبث باللغة العربية ترجمة مباشرة لكلمة
مارتن إسلين على مجموعة من كتاب المسرح ، ظهروا فى بدايات العشرين وحتى النصف منه ، ونظر
هؤلاء للمسرح بروح الفلسفة ، فاخرجوه من طور الأدب إلى طور الفكر عبر النظرة التجريدية للعالم ، وعدم
الإيمان بالمكتسبات والتجارب الإنسانية بت ا ركمها الأ زلى ، ويظن الباحث ان مس رح العبث يستند لمرجعية
فكرية شكلت موضوعاته ، إنعكست فى شكل وجوهر ، مخالف لما قبله لح ركة المسرح ، واستطاع أن
يخطو خارج الزمان والمكان بإحساس ثورى ضد المفهوم البرجوازى البرجماتى ، الذى شكل المجتمعات
الإنسانية ، ولكنه بالمقابل شكل عائق فلسفى للبيئات المختلفة والمتباينة ) الفلسفات الروحية والأيدولوجية
والعقائدية( التى تؤمن بالخلاص ووجود نهاية ، بينما تعتبر الفلسفة المادية الإنسان مصدر للعلم بيده
الخلاص من الشقاء وكسر الوهم الذى حوله ، ودعت لتحرير العقل من الخ ا رفة والأسطورة ، ويرى الباحث
أن هذا التقاطع بين الفلسفة المادية والروحية عند إنتقال تجربة ماء من والى ، لابد من أن يحدث تعديل
إست ا رتيجى فكرى ليتوائم ويتعايش ، والا سيكون هناك إضط ا رب فى المعنى القيمى للوجود ، بمعيار
الإختلاف البيئى والسسيولوجى .
يجرى الباحث تطبيق على تجربة الأستاذ الطيب المهدى محمد الخير المسرحية فى السودان ،
محاولاً تقصى تجليات مفهوم العبث ، وأثره الفنى ، على مسرحياته ، وهل كان مسرحهُ صفوياً ؟ بسبب
هذا المزج فى تكوينه المعرفى، والتقاطع بين الثقافات والمرجعيات ، ويقدم الباحث بذلك تحليلاً دقيق لمشكلة
هذا التباين ، من خلال هذا البحث متبعاً المنهج الوصفى التحليلى لأنه فى تقديرى يخطو بالمعنى الم ا رد
لمقاصد البحث ، ويعضد النتائج بالمقابلات الشخصية مع مسرحيين زملاء وأسلاتذة وتلاميذ الأستاذ الطيب
المهدى ومخرجين وممثلين عملوا معه ، لي ؤكد الباحث حقيقة أن مسرح الأستاذ الطيب المهدى على
المستوى المحلى لم يكن بقدر كافى من النجاح كما هو مسرح عالمى ، يواكب مسيرة التجريب والحداثة
العالمية ، ويشخص مشكلة هذا التباين بين الفلسفة الروحية والمادية