Abstract:
إن العلوم الإنسانية و الاجتماعية الغربية المنشأ و التصور و البيئة التي نشأت فيها و الأهداف التي جندت لخدمتها. تمثل تحديا كبيرا و مأزقا حادا و معضلة حقيقية بالنسبة للمسلمين عامة و الباحثين خاصة. يضاف إلى ذلك إشكالية المصطلح و استخدامه الاستخدام السيء من طرف واضعيه بقصد أو بغير قصد، مما زاد في تعقيد الإشكالية الأولى و قد انبرى مجموعة من الباحثين المسلمين للحد من انعكاسات الأفكار و التصورات الغربية، من خلال تبني مشاريع التأصيل و أسلمة العلوم و المعارف، رغم ما يلاقونه من معارضة من دعاة التغريب و التبعية الذين لا يرون تقدما حضاريا للامة إلا بتجريدها من قيمها و تصوراتها و معتقداتها و السير في ركاب الغرب المتقدم المتحضر.وتبرز مشكلة الدراسة في السؤال التالي: هل يكفي تسمية ما ننتجه في مجال الإعلام بالإسلامي لتحقيق الهدف المنشود من الرسالة الإعلامية الإسلامية؟ و هل المقصود من الرؤية الإسلامية للإعلام و قضايا الاتصال إيجاد علم جديد؟ و هل يعني الحديث عن الإعلام من منظور إسلامي رفض الأساليب القائمة على العلم الموضوعي و المنطق البشري السليم؟
وقد اضطرتني طبيعة الدراسة إلى الجمع بين أكثر من منهج، و قد أتاح لي هذا المزج تحقيق العمق باستخدام المنهج التاريخي و الشمول باستخدام المنهج الوصفي التحليلي. و توصلت من خلال هذه الدراسة إلى أن هناك أصولاً عامةً و قواعد كليَّةً لكافة جوانب العمليّة الإعلامية، مبثوثةٌ في المصادر الإسلامية المتمثّلة في كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، و في اجتهاد فقهاء المسلمين و علمائهم عبر العصور المتعاقبة. و الإعلام اليوم أصبح علمًا منظّمًا، و لذلك فإنَّ المسلمين بحاجة ماسّة إلى صياغة منظومة إعلامية ذاتيّة لهم، تحدّد معالم الهدي الإسلامي في النشاط الإعلامي و هذا العمل الذي يستهدف صياغةً منظومةً إعلامية إسلاميةً للمجتمع الإسلامي لن يتحقّق إلاّ من خلال اجتهاد عصري يقوم به علماء يمتلكون زادًا متينًا من العلم الشرعي، و يمتلكون أيضًا زادًا متينًا من العلم الإعلامي في جانبيه النظري و التطبيقي، مستفيدين من كل ما توصلت إليه البشرية من إنتاج يقره العقل و المنطق مستغلين ما توصلت إليه التكنولوجيا من ابتكارات لإيجاد مكانة لهم و إيصال رسالتهم