Abstract:
وجدت نفسي داخل معترك المستقبليات من حيث لا أشعر. فسرعة القفز من التاريخ إلى المستقبل يؤمّنه
مسار الهيمنة على الماضي، والحاضر، والمستقبل وإعادة نظم هذه التخارجات الزمانية نظما فلسفيا وأيديولوجيا. على
الأقل تتيح لك عملية المقارنة إمكانية تأمل زمانيين يتعايشان في نوع من المفارقة في آن واحد. يستطيعون أن يروا فينا
صورة ماضيهم كما نستطيع أن نرى فيهم ص ورة مستقبلنا. ولكن السؤال الذي يفجّر تحدّي المستقبل هو: هل لنا الحق
قبل الحديث عن الإمكان في أن نختار مستقبل ا مخالفا لحاضرنا، وما قيمة مستقبل سنعيد فيه تحيين تخلفنا القديم، ومن
يا ترى يرفض سيادتنا على مستقبلنا؟ في هذا الإطار كتبت قبل عقدين كتاب: "العرب والغرب: أية علقة..أي
رهان؟"، هناك حيث على الأقل تناولت مبحثا حول النبوءة، و التاريخ، و "البروسبيكتيف"، ومستقبل التنمية،
ومستقبل أفريقيا، كما سأتناول في كتاب "ما وراء المفاهيم" مفهوم المستقبل واضع اا مفهوم "حفريات المستقبل". وكل
هذا في انتظار اكتمال صورة ما أنشغل عليه في الفترة الأخيرة عن مستقبل الذهن البشري انطلق اا من رصد مستقبلته
في مجال التحولات التي تستهدف الدماغ البشري، و مجال التفكير، و الفيزياء، و العدالة.
العلم بالمستقبل هو علم متطوّر وليس علم اا مستحدثا. فلقد مارس الإنسان القديم طرقا عديدة في اكتشاف
صور للمستقبل. وقبل عصر العلم كانت الكهانة قد تكفّلت بهذه المهمّة. وسوف يتأكّد لنا أنّ عصر العلم لا يعني
بالضرورة القطع مع مخلّفات عصور ما قبل العلم في كيفية تدبير الزمان. فالعلقة التي تنشئها الأيديولوجيا مع الزمان
من شأنها أن تقع في أنماط الأسطرة و الكهانة. فالإصرار على انتهاك السيادة الزمنية للأمم قد يوقعنا في ضرب من
التخييل الكهاني للمستقبل. إنّ أصل الخطيئة هي خطيئة الزمان. وحينما أكل آدم من الشجرة، إنما فعل ذلك بداعي
أنّها شجرة الخلد؛ الخلد في الزمان، الزمان الممتد و اللّنهائي..لكن الزمان الممتد و اللّنهائي هو وحده الزمان الذي