Abstract:
يعد التراث الحضاري لكل أمة من الأمم، عنصراً هاماً من عناصر التطور الأجتماعي، وبناء الراهن الفكري للإنسان المعاصر، لكونه أصبح مديناً للأجيال السابقة التى أورثته نماذج تراثية، صقلت وبلورت شخصيته الحضارية المتكاملة، بفضل هذا التراث التراكمي لمضمون العناصر المادية والمعنوية، كالمعرفة والمعتقدات والفنون والأدب، وقدرات الإنسان وكل ما يكتسبة من المجتمع من سلوك متعلم قائم على الخبرة والتجارب، والأفكار المختلفة، التى تنتقل عبر العصور من جيل إلي جيل من خلال اللغة، والتقليد والمحاكاة.
ومن هنا جاء اهتمام هذه الدراسة بالتراث، وبالجانب الشعري فيه تحديداً، في محاولة لكشف دوره في بناء القصيدة العربية، علي مدى فترات زمنية مختلفة، عاد فيها الشعراء الى مصادره المتنوعة، ليستقوا منها الكثير من الجوانب الفنية والأبداعية، التي ساهمت وبشكل كبير في أغناء اشعارهم، ومدها بأسباب التألق والأبداع والروعة، وكذلك القدرة علي التعبير والأفصاح عن ارائهم وافكارهم، حول القضايا المختلفة التى شغلت بالهم، واستحوذت علي اهتمامهم، وتحاول هذه الدراسة الوقوف على أهم الجوانب الفنية، التى صاحبت هذا التوظيف للتراث، وكيفية الإفادة منه من قبل الشعراء بشكل عام، ومن قبل الشاعر الليبي أحمد الشارف موضوع هذه الدراسة بشكل خاص، الذي لجأ الى التراث كما لجأ اليه غيره ممن سبقوه، ومن عاصروه من الشعراء، من أمثال محمود سامي البارودي، واحمد شوقي وحافظ ابراهيم، واحمد محرم وعلي الجارم وغيرهم. الذين ساروا علي خطى الشعراء القدامى فيما نظموه، سواء من حيث الأغراض الشعرية، كالمدح والهجاء والرثاء والغزل والوصف، أو من حيث استخدامهم للألفاظ، والأساليب الفنية التي عرفها أولئك الشعراء، وهو ما نلمسه أيضاً عند تتبعنا لأشعار أحمد الشارف، الذي عمد هو الآخر الى التراث، وحاول الأفادة منه، عبر أساليب وطرق مختلفة، لها سماتها وخصائصها، التى سيحاول الباحث جاهداً الوقوف عليها، لبيان موهبته الفنية، وقدراته الأبداعية، وذلك من خلال تسليط الضوء علي بعض قصائده المختارة، وما حوته من شواهد، ذات الدلاله علي عودته لهذا التراث، وتوظيفه له في قصايا مختلفة، كالدينية والسياسية والأجتماعية والعاطفية والإنسانية، التى شكلت محور أهتماماتة، وشغلت حيزاً من قصائده، التي تناول هذا التوظيف بشئ من الشرح والتحليل، آملين من الله العلي القدير أن تفضي هذه الدراسة إلي أفضل النتائج، وتحقق كامل الأهداف.