Abstract:
تناولت هذه الدراسة (دور التحكيم الدولي في فض النزاعات الحدودية – دراسة حالة طابا) ، حيث تناولت الخلفية التاريخية للنزاع وتطرقت لإتفاقية عام 1906 التي حدّدت الحدود بين مصر وتركيا، حيث تّم غرس 91 عمود في اكتوبر 1906 كمرحلة أولى، وفي المرحلة الثانية (من أواخر ديسمبر 1906 وأواخر فبراير 1907) تّم إحلال الأعمدة الحجرية.
ثُم تطرقت الدراسة لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي جاء فيها (ان الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الإنتداب البريطاني). وجاء فيها ايضا (أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضة وإذا لم يتيسر فتحل بالتوفيق أو تحال إلي التحكيم). وبالفعل فشلت اللجنة المشتركة في تعليم الحدود، حيث دار الخلاف حول 14 علامة حدود من ضمنها العلامة 91 المتعلقة بمنطقة طابا (وهي موضوع الدراسة). جرت مفاوضات بين الطرفين لحل النزاع بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية ولكنها فشلت، سعت إسرائيل للتوفيق ولكن مصر أصرت علي التحكيم، وبعد مساجلات مضنية وافقت إسرائيل علي التحكيم وتم التوقيع علي إتفاق التحكيم في يوم 11/9/1986 الذي جاء في مشارطته: (المطلوب من هيئة التحكيم أن تقرر مكان علامات خط الحدود الدولي المعترف به بين مصر وإقليم فلسطين تحت الإنتداب البريطاني 1922-1948)وهو ما يُعرف (بالفترة الحرجة critical period). وفي بطاقات الوصف المرفقة بمشارطة التحكيم حدّدت مصر موضع العلامة 91 عند رأس طابا علي الساحل الغربي لخليج العقبة ، اما إسرائيل فحددت موضعين متبادلين، الأول عند الربوة الجرانيتية والثاني عند بير طابا. وقضت مشارطة التحكيم بتشكيل غرفة توفيق ثلاثية تسعى لتسوية النزاع أثناء سير المحكمة وترفع قرارها النهائي لرئيس المحكمة قبل بدء المرافعات الشفوية.
وتناولت الدراسة إجراءات المحكمة بعد تشكيل هيئة التحكيم، التي قضت بأن يقوم الطرفان معاً وفي التاريخ بإيداع مذكراتهما الكتابية للمحكمة، بحيث يتم التبادل علي مراحل ثلاث متعاقبة، وبالفعل قام كل من الطرفين في 13/5/1987 بإيداع مذكرته الأولى التي يشرح فيها وجة نظره والحجج المساندة لذلك، وفي 12/10/1987 أودع كل جانب المذكرة الثانية (المذكرة المضادة) (Counter memorial) يناول فيها بالرد على مذكرة الطرف الآخر الأولي، وفي 1/3/1988 تّم إيداع وتبادل مذكرة التعقيب الختامي (Rejoinder). وفي 1/3/1988 أبلغت غرفة التوفيق الثلاثية رئيس المحكمة بأنها لم تفلح في تسوية توفيقية للنزاع.
وتطرقت الدراسة إلي مرحلة المرافعات الشفوية التي تمت في جولتين، الأولى في الفترة من 14/3/1988 حتى 25/3/1988، والجولة الثانية في الفترة من 11/4/1988 حتى 15/4/1988.
وفصلت الدراسة في الحجج المقدمة من الطرفين، حيث أبرزت أن أهم حجة مصرية كانت الخريطة البريطانية لعام 1915، التي عُرفت فيما بعد باسم خريطة نيوكومب نسبة إلى الكابتن Newcombe الذى قام بإجراء عملية المسح التي رسُمت علي أساسها الخريطة. وكانت مصر قد ارفقت مع مذكرتها الأولى مذكرات المستر باركر (حاكم سيناء) – التي إكتشفتها متاخراً – معها صورا للعلامة 91، التي سُميت فيما بعد بـــــ" عمود باركر" والذي إتضح لاحقاً أنه لا يطابق الموضع الذي حددته مصر للعلامة 91، ولا الموضعين اللذين حددتهما إسرائيل . وكانت مصر قد ارفقت هذه الصور إنطلاقاً من مبدأ "حسن النية Good Faith" الذي اتفق على هذه الصور من قبل مصر ولكنها لم ترفقها في مذكرتها الأولي.
وتناولت الدراسة أبرز حجج إسرائيل منها:
1. أن باركر عندما وضع الأعمدة المنشأة بالبناء الحجري قد أرتكب خطأ مادياً إنتقل إلي كافة الخرائط التالية ومنها الخريطة البريطانية لعام 1915 (خريطة نيوكومب Newcombe).
2. أن العلامة 91 التي حددتها مصر كانت نقطة مثلثات شبكية عُلمت خطأ كعلامة حدود.
3. أن العلامة 91 المصرية لا تتبادل الرؤية مع العلامة 90 المتفق عليها وبالتالي فهي تتعارض مع المادة الثالثة من إتفاقية 1906 التي تشترط تبادل الرؤية بين العلامات.
4. أن مصر عندما قدمت صور باركر قد أقامت بنفسها الدليل علي عدم صحة دعواها بالنسبة لموقع العلامة 91، وبالتالي فإنه يتعين رفض المطلب المصري حتى لو توصلت هيئة التحكيم إلي الإقتناع بعدم سلامة أي من الموقعين الإسرائليين، أي يكون الحكم سلبياُ "Non-licet" .
وتناولت الدراسة منطوق الحكم وأسبابه الذي أعلن يوم 29/9/1988 موضحة أن ثقل الأدلة المصرية كان لها دور حاسم في تكوين يقين المحكمة بالنسبة لصحة الموقع المصري، حيث صدر الحكم باغلبية أربعة أصوات وإعتراض صوت واحد هو صوت المحكم الوطني الإسرائيلي.