Abstract:
يناقش البحث موضوع الحفاظ على التراث المعماري والعمراني في منطقة الخرطوم الكبرى. يواجه هذا التراث العديد من المشاكل، أهمها أن طرق الحفاظ على هذا التراث من المجالات التي لم يتم التعامل معها وفق أسس علمية، في السودان عامة، ومنطقة الخرطوم الكبرى خاصة، بالإضافة إلى قصور طرق الحفاظ المتبعة من قبل الدولة.
هدف البحث إلى تقديم منهج للحفاظ على التراث المعماري والعمراني، يضم كافة العوامل المؤثرة على الحفاظ على التراث، بحيث يساهم في دعم طرق الحفاظ على هذا التراث، وبناء خطة للعمل على ذلك. إتبع البحث منهجية بدأت بدراسة نظرية تحليلية لتحديد العوامل المؤثرة على الحفاظ والإعتبارات الخاصة بها، ثم تجميع بيانات حول أهم المواثيق والتوصيات والقرارات الدولية والقومية للحفاظ على التراث المعماري والعمراني الصادرة عن منظمتي أيكوموس الدولية (ICOMOS) ولجانها القومية، ومنظمة يونسكو الدولية ((UNESCO، التي تناولت طرق التعامل مع التراث المعماري والعمراني، منذ صدور أول ميثاق في ستينات القرن الماضي ودراستها وتحليلها، حيث ساهمت في تكوين عناصر تقييم المنهج المقترح. تم تصميم المنهج المقترح وتطويره بإضافة بعض الدروس المستفادة من التجارب العالمية. ثم جُمعت كافة المعلومات والبيانات المتوفرة والضرورية عن المباني والمعالم والمناطق التراثية التي أُنشأت خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في منطقة الخرطوم الكبرى. كما شمل البحث دراسة وتحليل طرق الحفاظ على التراث المعماري والعمراني التي تتبعها المؤسسات المعنية بالحفاظ، وإلقاء الضوء على أداء الجهات الرسمية في مشاريع الحفاظ في المستويات المختلفة للسلطة المسئولة عن هذا التراث، وتحليل إيجابياتها وسلبياتها وقياسها وتقييمها.
تم تطبيق المنهج المقترح على منطقة الخرطوم الكبرى، وصنفت تجربة منطقة الخرطوم الكبرى كحالة أقل من المستوى المطلوب من ناحية تحقيق متطلبات الحفاظ على التراث المعماري والعمراني، نتيجة لعدم تطبيق أغلب طرق الحفاظ على التراث. وأشارت نتائج البحث إلى فقدان المنطقة للرؤية الشمولية للعوامل المؤثرة على الحفاظ، كما أن ضعف إمكانيات طاقم العمل الموجود في المستويات المختلفة للسلطة المسئولة عن التراث أثرت تأثيراً سلبياً علي طرق الحفاظ على التراث المعماري والعمراني بمنطقة الخرطوم الكبرى، بالإضافة إلى أن الخطوات التي تم إتخاذها بواسطة المسئولين في الدولة في مشاريع الحفاظ لا تتعدى كونها قرارات سياسية وليس منهجاً علمياً مدروساً يتعامل مع مفردات المنطقة ملبياً إحتياجها ومتطلباتها الفعلية. وخلص البحث إلى أهمية تغيير النظر لمشروعات الحفاظ، وعدم التعامل معها بحلول منعزلة، بل يجب عمل منظومة متكاملة للعوامل المؤثرة على الحفاظ. كما يجب إعادة هيكلة الأجهزة المعنية بالحفاظ، وذلك بوضع طاقم مؤهل للعمل في المستويات المختلفة للحفاظ على هذا التراث؛ ودراسة المواثيق والتوصيات الدولية والبحث في كيفية المصادقة عليها؛ والإضطلاع على التجارب العالمية في مجال الحفاظ على التراث المعماري والعمراني والإستفادة منها دون الإلتزام بالتفاصيل، بل بالمنهجية المناسبة.