Abstract:
إن منطلق الدراسة المعتمدة في هذا البحث تقوم على الخلافات المذهبية في النحو وأثر هذه الاختلافات في نشوء الآراء الإعرابية وتعددها ودور ذلك في توجيه النصوص والتعليل لها، وإبراز دور النحاة في الخلافات المذهبية وتعصب كل فريق لمدرسته واتجاهه.
فمن يتتبع نشأة النحو العربي الأولى واختلاف قواعده يلحظ أن تعدد الأوجه الإعرابية في تحليل العناصر التركيبية للنصوص أمر شائع ومألوف، فيرى أن أحدهم قد يجيز في المسألة الواحدة أكثر من رأي، وأن ما يجيزه غير ما يجيزه غيره، مما أدى إلى وجود خلاف ملحوظ بينهم أثناء التحليل للقضية النحوية الواحدة، ولذلك شاع الجواز في تحليلهم، وكثرت الآراء وكثر الأخذ والرد والترجيح، وتعددت أوجههم ومذاهبهم فنشأ إثر ذلك ما يعرف بالمذاهب (المدارس) النحوية التي بدورها حملت لواء النحو، وأخذت على عاتقها التعريفات المختلفة. فظهرت قضايا الاحتجاج متمثلة بعناصر السماع والاستقراء والقياس والعامل والعلة والإجماع وغيرها مع تفاوت في اهتمام كل مدرسة بهذه العناصر من حيث التوسع وعدمه، فجاء هذا البحث ليدرس المدارس النحوية ونشأتها ودورها في نشوء الآراء الإعرابية النحوية وتعددها، ليدرس مدرسة البصرة والكوفة وبغداد وشيوخ كل مدرسة ودورهم التاريخي في النحو العربي، وكما درس العناصر التي قامت عليها كل مدرسة، مركزا على الخلافات المذهبية وذلك باستدراج الأمثلة التوضيحية للخلافات في داخل المدرسة الواحدة أو بين المدارس، هذا الاختلاف الذي أدى بدوره إلى تعدد الرأي في المسالة الواحدة، والذي كان له الدور الرئيسي في تشعب النحو واختلافه واضطرابه.
أدى هذا الاضطراب والتعدد إلي فقدان النحو للكلمة الحاسمة في قضاياه وتعددت الأوجه الإعرابية فيه والتنازع حول القضايا الأصول كالعامل والعلةو والقياس والسماع والاستقراء مما أثقل النحو بقضايا لا طائل منها في الدرس النحوي.