Abstract:
تناولت هذه الدراسة موضوع بلاغة القرآن متخذة من الآيات المتشابهة في القرآن مادة تطبيقية, قُسمت الدراسة إلي ستة فصول.
اتخذت في مقدمة كل فصل إطاراً نظرياً بينت فيه القواعد البلاغية المتعلقة بالباب وشرح مفاهيمه البلاغية من خلال ما قعّده علماء البلاغة وما شرحوه في كتبهم ثم يتبع الإطار النظري الجزء التطبيقي بمناقشة الآيات المتشابهة نفسها.
تعتبر هذه الدراسة (من حيث التقسيم العلمي لعلوم البلاغة) دراسة في علم المعاني, حيث تناولت بالبحث طرق نظم الكلام المختلفة, وتأثير ذلك في أداء المعنى, وناقشت أبواباً تعد من صميم علم المعاني كالتقديم والتأخير,والإيجاز والإطناب, والذكر والحذف, والتوكيد, والفصل والوصل, وكانت الآيات القرآنية المتشابهة خير وسيلة شارحة لبيان الأحوال البلاغية المختلفة والمتضادة في كل باب وأثرها علي المعنى, فعندما ترد الآية نفسها موصولة مرة ومفصولة أخرى (مثلاً) يبرز مقتضى الفصل والوصل من الناحية المعنوية في الآيات المتشابهة, الأمر الذي أضاف بعداً وعمقاً جديداً لهذه الأبواب ومجالاً جديد لمحاولة شرحها وفهمها والتمثيل عليها.
اعتمدت الدراسة في التوجيه البلاغي للاختلاف بين الآيات المتشابهة على الكتب القديمة والحديثة التي تناولت المتشابه اللفظي ووجهت له, وهي كتب قليلة لا يتجاوز عدد القديم منها – بعد البحث والتقصي – خمسة من الكتب إضافة للقليل جداً من الكتب الحديثة, فهذا البحث امتاز بشح المراجع في موضوعه.
اعتمد البحث في التوجيه للآيات التي لم أجد فيها قولا في كتب المتشابه التي اطلعت عليها– اعتمد على التفاسير لاستقراء ما يمكن أن يشير إلى دلالات الاختلاف في الآيات, اعتمد من بعد ذلك على النظر والتأمل والبحث لمحاولة فهم أسباب الاختلاف بين الآيات المتشابهة التي لم أجد فيها شيئاً يهتدي به.
تناولت الدراسة في فصل الفصل والوصل الآيات التي امتازت بوجود حرف عاطف في موضع منها وغياب هذا الحرف في الآية المشابهة, أما في فصل التقديم والتأخير فناقشت الآيات التي جاء فيها الاختلاف في تقديم لفظة على أخرى مع عكس الحالة في الآيات المتشابهة.
وفي فصل الإيجاز والإطناب جاءت الآيات التي امتازت بزيادة في السياق وتغيب هذه الزيادة في الآية المشابهة, وفي فصل الذكر والحذف جاءت الدراسة لآيات الذكر منفصلة عن آيات الحذف , حيث جاء في آيات الذكر مواضع ذكر فيها ما العادة حذفه كذكر الاسم الظاهر مكان المضمر, بينما جاء الأصل في الآية المشابهة بذكر المضمر في موضعه. أما آيات الحذف فتناولت حذف ما العادة ذكره كبناء الفعل للمجهول (حذف الفاعل) في بعض الآيات بينما ذكر الفاعل في الآية المشابهة.
وتناول فصل التوكيد اختلاف الآيات بين مؤكدة وغير مؤكدة وذلك بأدوات التوكيد المعروفة كالتكرار في الضمير, و(إن) وغير ذلك.
وتناول الفصل الأخير آيات متشابهة دُرست بكل تفاصيل اختلافاتها دون اجتزاء موضع واحد للاختلاف كما درج الحال في الفصول السابقة، حيث دُرس نظم الآيات في ضوء نظرية عبد القاهر الجرجاني في النظم التي تضمنها كتابه دلائل الإعجاز، وتحدث فيها عن أثر نظم الكلام في دلالته، واستهدت هذه الدراسة في فصلها الأخير بمقولة عبد القاهر التي تؤكد إن كل اختلاف في النظم لا بد أن ينتج عنه اختلاف في المعنى.