Abstract:
تتناول هذه الدراسة موضوعاً هاماً من موضوعات القرآن الكريم، وهو وصف الجنَّة، والنَّار الأبديتان اللتان أعدَّهما الله سبحانه وتعالى للمؤمنين والكفَّار دراسةً في البناء اللغوي، والأسلوب البلاغي.
وتقوم الدراسة على أساس لغوي وبلاغي، أي أنَّ الرسالة ستدرس وصف الجنَّة، والنَّار من ناحية لسانيَّة بغيَّة بيان الإعجاز اللغوي، والبلاغي للقرآن الكريم في التعبير عن مشاهد الجنَّة، والنَّار القرآنيَّة الكريمة.
وتبعاً لهذا الاختيار فقد أتت الرسالة مشتملة على تمهيد وثلاثة فصول، ففي التمهيد تحدَّثت عن مشاهد الجنَّة، والنَّار في القرآن الكريم، ومضامينها، حيث درست الجنَّة، والنَّار لغة، واصطلاحاً والتطوُّر الدَّلالي لهما، والصور الماديَّة المحسوسة لنعيم الجنَّة، ولعذاب النَّار، والصور المعنويَّة غير المحسوسة لنعيم الجنَّة، ولعذاب النَّار.
أمَّا الفصل الأوَّل فتحدَّثت فيه عن بلاغة المستوى الصوتي، والصرفي لآيات الجنَّة، والنَّار، ويضمَّ القضايا الفرعيَّة الآتية: جمال الفاصلة القرآنيَّة الكريمة، من حيث التماثل، والتجانس، وتمكِّنها من الآية القرآنيَّة الكريمة، وأهميَّتها من ناحيتي القيمة التعبيريَّة، والفنيَّة للأصوات، ووقفت على المقاطع الصوتيَّة، وبراعة استخدام القرآن الكريم لبعضها، وعلى بناء الكلمة القرآنية الكريمة من حيث التنكير والتعريف ومعرفة أغراضهما البلاغية.
وفي الفصل الثاني تحدَّثت عن مسألة الثروة اللفظية في آيات الجنَّة، والنَّار، فقد حاولت الدراسة أن تكشف النقاب عن الثروة اللفظيَّة، وما يتصِّل بها من غريب، ومعرَّب، ودخيل.
أمَّا الفصل الثالث والأخير فقد تحدَّثت فيه عن بلاغة المستوى التركيبي (النحوي) في آيات الجنَّة والنَّار، ويضمُّ القضايا الفرعيَّة الآتية: بناء الجملة القرآنيَّة الكريمة بشقيِّها" الاسميَّة والفعليَّة من حيث أسلوب الحذف والذكر، والتقديم والتأخير وبلاغة أسلوب الخطاب بين الجملة الاسميَّة والفعليَّة (المثبتة والمنفيَّة)، وأسلوب التوكيد، والتكرار وأنواعهما، وعلاقتهما بالمعنى، ونظام الربط بين الجمل (الفصل والوصل)، وبناء الجملة الإنشائيَّة الطلبيَّة، وغير الطلبيَّة من استفهام، وأمر، ونهي.
يعتقد الباحث أنَّ الموضوع المدروس طريف في الدرس اللغوي من ناحية أنَّه يبيِّن بالدرجة الأولى المقاربات الأسلوبيَّة في آيات الجنَّة، والنَّار، والمقارنة بينهما، والثروة اللفظيَّة فيهما، إضافة إلى أنَّ المعلومات التي درسها الباحث تعدَّ جديدةً في بعضها، ومرتبة في مواطنها اللغويَّة، والبلاغيَّة في بعضها الآخر فضلاً عن أنَّ أغلب التفاسير القرآنيَّة الكريمة قد اهتمت بالمعاني المباشرة للآيات القرآنيَّة الكريمة التي تصوِّر الجنَّة، والنَّار ما عدا قليلاً منها، فهذا القليل قد اقتصر على المعاني الجزئيَّة للموضوع، ولم يحط بالموضوع من جميع أركانه، فجاءت وظيفة الرسالة لجمع شتات المتفِّرق في بوتقة واحدة، وتكميل الناقص، وتفصيل المجمل، وترتيب المختلط.
وبناءً على ما تقدَّم فقد جمع الباحث الآيات التي تصوِّر مشاهد الجنَّة، والنَّار في القرآن الكريم، وقام بتبويبها، وتوزيعها حسب مخطط يتماشى وموضوعات الدراسة اللغويَّة حيث درس الأنماط الصوتيَّة في الآيات القرآنيَّة الكريمة، وعالج معظم الظواهر الأسلوبيَّة فيها، إضافةً إلى محاولة الرسالة أن تتَّجه إلى دراسة الألفاظ التي استخدمها القرآن الكريم للكشف عن مشاهد الجنَّة والنَّار.
وذهب الباحث إلى إكمال دراسته هذه خارجياً أي أن يتتبع تصوير الجنَّة، والنَّار في أقوال الكتَّاب، والشعراء من خلال اختيار أمثلة متفرِّقة، ومدى اتفاق هذه الأقوال، وتباينها عن الجنَّة، والنَّار القرآنيتين الكريمتين.
وقد خلص الباحث – ممَّا ذكر سابقاً- إلى نتائج يرى أنَّها طريفة تمسَّ صلب الموضوع على مستوى الأنظمة المبحوثة كافةً، ويمكن تلخيص النتائج بالقول: إنَّ القرآن الكريم قد شحذ معظم الطاقات اللغويَّة، والبلاغيَّة للتعبير عن مشاهد الجنَّة والنَّار من ناحية تصويرها الداخلي، من خلال بيان طبيعة الحفاوة، ومدى التكريم الذي يحظى به المؤمنون في الجنَّة، وما يناله الكفَّار من العذاب الأليم في النَّار.