Abstract:
تناول فلاسفة الإسلام نظرية أرسطو المحاكاة بالدراسة ، وإن مالوا إلى استخدام مصطلح التخييل بدلاً من المحاكاة ، كذلك درس حازم القرطاجني النظرية نفسها ، في كتابه منهاج البلغاء وسراج الأدباء ، في القرن السابع الهجري ، وقد حاول فيه التوفيق بين ما فهمه من أفكار المحاكاة الأرسطية ، وبين الموروث النقدي العربي قبله ، وذلك بغرض إنشاء نظرية نقدية عربية .
وقد رأي الباحث أن يتناول موقف حازم من نظرية أرسطو ، متناولاً مدى استيعابه لها ومحاولته تفسير الشعر العربي على ضوئها ، ومن ثم معرفة عما إذا كان قد التزم بالموروث الأدبي العربي قبله ، أم قد انساق وراء التيار اليوناني .
وخلاصة مشروعه النقدي يقوم على محاولة بعث الشعر العربي في ظل فساد أذواق العامة ، واضطراب ألسنة الشعراء في عصره ، لذلك استهل درسه للقصيدة بالتخطيط العام لها ، وانتهى بالنظر إلى الوحدة العضوية للقصيدة العربية .
وقد جاءت الرسالة في ثلاثة فصول ، تناول الفصل الأول ، شخصية حازم من خلال نشأته ، وتكوينه الثقافي ، ثم إنتاجه الشعري ، وأخيراً اتجاهاته في العلوم العربية والنقدية .
أما الفصل الثاني ، فقد تناول موقفه من قضية التخييل ، وقد شمل أربعة مباحث : قضية التخييل الشعري ، التخييل الشعري وقوى النفس ، التخييل الشعري والصدق والكذب ، التخييل الشعري والنظم .
أما الفصل الثالث : فقد حوى جانباً من تطبيقات حازم على قضايا المحاكاة ، ضم ذلك أربعة مباحث : الوصف والتشبيه ، الفكرة الشعرية ، المدح والذم ، وأخيراً الوحدة العضوية للقصيدة .
خلص البحث إلى نتائج أهمها :
1) من الحكمة إن لا نبالغ في الحكم على تأثر حازم بنظرية أرسطو ، على الرغم من قوة الحجج التي تقر ذلك مقارنة بتلك التي تنفي أو تقلل من تأثره .
2) قدم حازم خدمة جليلة للبلاغة والنقد بفهمه القضية الجوهرية ـ التخييل – لكتاب الشعر ، مما حدا ببعض النقاد إلى إدراجه ضمن العلماء الذين تخطوا مرحلة تشكيل الأثر اليوناني في الثقافة الأدبية ، إلى مرحلة تكامل مفهومه .
3) لما كان التخييل الحقيقة الجوهرية للشعر عند حازم ، استلزم ذلك عدم وسم الشعر بالصدق أو بالكذب ، فذلك أمر يهتم بمخاطبة العقل ، وحقيقة الشعر في هيئته وصياغته صياغة مؤثرة في النفس .