النضال القومي والعالمي في الشعر الليبي1950 - 2000

Abstract

يهدف اختيار شعر النضال في الشعر الليبي إلى إلقاء الضوء على هذا الشعر البكر لدى أغلب أدباء الأقطار العربية ، إذ لا تكاد تجد ذكرا للشعر الليبي إلا من خلال عدد قليل من شعراء الخمينسيات . وتحديد شعر النضال لا يعني تفرد شعراء هذا القطر عن الشعراء العرب عامة به ، إنما لإبراز المشاركة الوجدانية للشاعر الليبي مع أشقائه في الوطن العربي أو العالم عامة وعدم تغيبه عن الأحداث التي تقع . و قادني هذا الاختيار إلى تتبع أشعار النضال قبل فترة الدراسة ، وبذلك تشكل التمهيد من سرد تاريخي – لا يخلو من التحليل في بعض الأحيان – للأشعار التي واكبت الأحداث التي لازمت الوطن العربي ، إبان الخضوع للضغط الاستعماري على الخلافة التركية ، وما واكب ذلك من مقاومة وتضحيات . وقد خلصت في الفصل الأول إلى رصد قضايا العروبة والوحدة في الشعر الليبي ، فشكل شعر النضال ضد الغزو الأوربي المبحث الأول ، حيث انفتح الشعراء على الأحداث التي شهدها الوطن ، فسخروا شعرهم لقضايا الأمة ، مبتعدين عن دائرة الإقليمية في وقوفهم إلى جانب إخوانهم العرب وتنديدهم بالدول الاستعمارية ، وكشف حبائلها ، ومخططاتها ، ووضع يد المواطن العربي على مكمن الداء الذي يتشارك فيه جميع العرب . أما المبحث الثاني فوقف عند قضية فلسطين ، من خلال دعوة الشعراء إلى مقارعة الاستعمار الذي ساهم في توطين اليهود ، والتأكيد على تكاثف الجهود والكفاح المستمر كطريق للتخلص منه. وكذلك تميزت هذه القصائد بالنبرة الحادة وامتزاجها بالسخرية والتهكم في بعض الأحيان ، وبالتهديد والوعيد في أحيان أخرى . وظهر حسن استخدام الرمز والصورة العميقة في هذا الجانب ، وذلك من آثار المدارس الحديثة التي حاول الشعراء تتبع طرقها ومسالكها. وأبرز المبحث الثالث هاجس الوحدة العربية ، و جمع الشتات تحت راية واحدة في هذا الشعر ، وإن جاءت أغلب الأشعار في هذا الجانب ضمن أشعارهم القومية التي جاءت مناصرة لكفاح الشعوب العربية والوقوف معها ضد المعتدين ، بأسلوب زاوج بين المباشـرة ، والتضمينات الرمزية . ثم خلصت في الفصل الثاني إلى قضايا التحرر العالمية في الشعر الليبي ، والتي قسمتها إلى ثلاثة مباحث : 1- النضال المشترك ضد العدو ، الذي يجتمع عليه كل المناضلين من أجل الحرية والتحرر ، من خلال نبذ التفرقة العنصرية وتقسيم البشر حسب أجناسهم وألوانهم ، أو أثر الحروب على البشرية جمعاء و ما تخلفه من دمار وخراب ، 2- رموز النضال التي استحضرها الشعراء ؛ للتأكيد على المطالب المشتركة التي تسعى البشرية إلى تحقيقها . ج- رموز الاستعمار التي مثلتها المعالم الاستعمارية ، ثم الشخصيات التي ساهمت في قمع الانتفاضة أينما وجدت ، ومن ثم أعوان الاستعمار وأذياله في البلدان التي عانت ويلاته . أما الفصل الثالث فقد خصصته للدراسة الفنية لهذه الأشعار ، حيث انتهت إلى : 1- أن الصورة التشبيهية والاستعارية في شعر النضال تتسمان بالسهولة والوضوح، فيبدو أن الأمر يرجع للتشبيه ذاته ، إذ يحفظ لطرفيه قدرا من الاستقلالية ، أما الاستعارة فربما يرجع إلى طبيعة الموضوع الذي يتسم بالثورة والانفعال ، الأمر الذي يجعلها لا تحتمل في أغلب الأحيان صورا موغلة في العمق . ب- جاءت البحور الشعرية الصافية أكثر استعمالا من البحور الممزوجة ؛ لاستغلال الحرية التي تمنحها وحدة التفعيلة للتشكيل الوزني ، ومن ثم في البناء الشعري ، مما جعل تكرارها سهلا . ح- وفق أغلب الشعراء إلى حسن الاقتباس والتضمين ، إذ جاءت نصوصهم متجانسة مع النص المقتبس من الناحية الشعورية ، مما جعل أثرها واضحا في الارتقاء بالنص .