دور برامج تخطيط تنمية وبناء القدرات البشرية في تحقيق الأهداف التنموية

Abstract

تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على أراء أفراد المجتمع السوداني نحو برامج تخطيط تنمية القطاع الصحي . تنحصر مشكلة الدراسة وتكتسبه أهميتها من أن المعوقات التي تواجه التنمية الاجتماعية في السودان قد اتبعت ببعد آخر بعد تبني الدولة مبادئ اقتصاد السوق الحر (سيادة المستهلك التي تتأتى بحرية الاختيار ومبدأ الكفاءة في تخصيص الموارد) بداية العام 1992م دون مراعاة لعدم ملاءمتها لطبيعة القطاع الصحي الذي يكون فيه مقدم الخدمات الصحية (وبحكم التشريعات الصحية التي تمنع غير حامل الترخيص من ممارسة المهنة) هو الذي يتحكم في الطلب (تحديد نوعية وكمية ومدة العلاج) ولا يجد المستهلك حرية للاختيار كالذي يتوفر في حالة السلع الاقتصادية المعيارية ، إضافة إلى أن القطاع الصحي هو الأكثر عرضة من غيره لخفض الإنفاق (سياسة الانكماش المتمثلة في خفض النفقات العامة) لأنه قطاع خدمي ليس لديه عائدات . في ظل هذا الوضع تتبلور مشكلة الدراسة وتتضح أهميتها للخوض في هذا المجال للوقوف على أبعاده وتحديد حجمه وكشف الآثار المترتبة عليه والنظر في بدائل معالجته . ركزت الأهداف الرئيسية لهذه الدراسة على التعرف على الأسباب الموضوعية وراء عدم قدرة مجهودات التخطيط على تحقيق الأهداف التنموية وتقصي العوامل الرئيسية وراء ضعف اهتمام برامج التخطيط التنموي ببناء القدرات الإنسانية . تم وضع فروض الدراسة على النحو التالي : – الإنسان بالرغم من أنه الأولوية المستهدفة من التنمية إلا أنه الأقل حظاً في برامج التخطيط التنموي . – صياغة وتنفيذ أهداف برامج التخطيط التنموي في المجال الصحي لا تلبي طموحات ورغبات أفراد المجتمع المخطط لهم . – لا يتم إشراك أفراد المجتمع المخطط لهم في عملية صياغة وتحديد أهداف برامج التخطيط التنموي . – عملية المتابعة والتقويم في إدارة تنفيذ برامج التخطيط التنموي في المجال الصحي ضعيفة . – أراء أفراد المجتمع السوداني نحو برامج تخطيط التنمية في المجال الصحي سالبة – الخدمات الصحية والعلاجية بالولاية دون الحد الأدنى مقارنة بحجم مجتمع ولاية نهر النيل . – عدم استقرار واستمرارية وواقعية برامج التخطيط التنموي قادت إلى إهدار الموارد المادية والبشرية . أجريت الدراسة من خلال مسح ميداني لعدد 367 شخصاً تم اختيارهم كعينة عشوائية من مجموعة المواطنين الذين يترددون على مرافق تقديم الخدمات الصحية بولاية نهر النيل (الموقع الجغرافي للدراسة) كدراسة حالة . بالإضافة إلى استخدام المقاييس الإحصائية الوصفية والتحليلية تم استخدام مقياس ليكرت للوقوف على أراء المواطنين . أوضحت نتائج الدراسة الأساسية أن الخدمات الصحية المقدمة بالولاية بشقيها الوقائي والعلاجي دون الحد الأدنى ، وأن مجتمع ولاية نهر النيل يواجه تكلفة عالية وبطء شديد فيما يتعلق بإمكانية التكييف مع سياسات التحرير المعلنة وصعوبة إمكانية إحراز أي تقدم في مجال التنمية نتيجة لخصوصية ظروف الوضع القائم بالولاية والمتمثل في : سيادة الطابع الريفي ، انخفاض مستوى الدخل وسيادة الفقر ، التوزيع القطاعي للعمل حيث يمتهن معظم السكان العمل الحر مما خلق صعوبة في التعامل مع هذه الفئات داخل برامج منظمة ، التوزيع السكاني الذي أحدث اختلالاً في توزيع الكثافة السكانية مما أدى إلى خلق إشكالية في توزيع مرافق تقديم الخدمات الصحية ، إضافة إلى أن اتجاهات أفراد المجتمع نحو برامج تخطيط تنمية القطاع الصحي سالبة ، مما يقلل من فرص دور المشاركة الشعبية الطوعية التي يعول عليها كثيراً في تحريك الجهود الذاتية لدفع عجلة التنمية ونجاح تحقيق أهدافها . اشتملت توصيات الدراسة على : ضرورة خلق مناخ يضمن لبرامج تخطيط التنمية الاستقرار و الاستمرارية والمعقولية على المستوى العام ، بذل جهد فعال يعمل على تحسين مستوى التنمية الاقتصادية – الاجتماعية بالوالية لما لذلك من أثر فعال على المؤشرات الصحية . العمل على رفع مستوى الرضى لدى المواطنين وزيادة إمكانية خلق اتجاهات إيجابية تمكن من تفعيل دور المشاركة الشعبية الطوعية (الجهد الذاتي) في جميع مراحل التنمية المختلفة من تخطيط وتنفيذ وتنسيق وتقويم البعد الذي يمثل العمود الفقري للتنمية بحكم أن الموارد المادية بمفردها لأي دولة مهما بلغت فإنها ستقف عاجزة عن تحقيق التنمية الشاملة خاصة فيما يتعلق بالعائدات الاجتماعية للتنمية عالية التكاليف والعائدات السيكولوجية الخاصة بسلوك ونمط الاستهلاك والاتجاهات القيمية للأفراد .