Abstract:
تكمن مشكلة البحث في أنه لم تتوفر دراسات سابقة لاستعراض أثر مشاريع التنمية في البادية الشمالية الأردنية بصفة خاصة ، إذ أن معظم الدراسات السابقة تباينت في دراسة الواقع الفعلي للبادية محل الدراسة من عدة زوايا ، وتجاهلت دراسة اتجاه وأثر عنصري الإنتاج ( رأس المال والعمل ) على ناتج المشاريع التنموية في البادية محل الدراسة ، كما أنها اختصرت دراسة الأثر التنموي لهذه المشاريع ، وهذا ما يشجع البحث محل الدراسة على معرفة هذا الأثر خاصة وأن هذه البادية تعد من أكثر المناطق جيوباً للفقر* ، وتتسم بأعلى معدلات للبطالة في المملكة الأردنية الهاشمية. ولذا هدفت هذه الدراسة إلى اختبار الأثر التنموي لهذه المشاريع من خلال التعرف على مساهمتها في تحسين مستوى المعيشة والحد من ظاهرة البطالة وتمكين المرأة البدوية من المشاركة في عملية التنمية .
ترجمة ضروري
تفترض الدراسة إن المشاريع الاستثمارية في البادية الشمالية الأردنية تواجه مشكلات عديدة ( تمويلية، تسويقية، إدارية،....الخ) تقف عقبة في دعم مسيرة التنمية في منطقة الدراسة، إلا أن هناك علاقة طردية بين ناتج المشاريع الاستثمارية ومدخلي الإنتاج (عدد العمال، ورأس المال المستثمر)، كما تفترض الدراسة إن المشاريع الاستثمارية تعمل على خلق فرص عمل جديدة وترفع مستوى الدخل و تساهم في تمكين المرأة البدوية من المشاركة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي تساهم في التخفيض من نسبة البطالة والفقر وتحسين مستوى المعيشة في منطقة الدراسة.
تم استخدام المنهج الإحصائي الوصفي في استعراض المعلومات الخاصة بالاستثمار والتنمية بصفة عامة وواقع الاستثمار والتنمية في البادية محل الدراسة بصفة خاصة، كما تم استخدام منهج المسح الاجتماعي في الدراسة الميدانية للمزيد من الإلمام بظروف الظاهرة محل الدراسة مستخدماً في ذلك الاستبيان والملاحظة والمقابلات الشخصية ،أما المنهج الاستنباطي الاستقرائي فقد تم توظيفه في تحليل بيانات الإنتاج كمتغير تابع وعناصر الإنتاج كمتغيرات مستقلة ، وذلك بافتراض التناسب الطردي بين المتغير التابع والمتغيرات المستقلة مع توقع جودة توفيق النموذج القياسي المقترح من خلال صغر الأهمية النسبية لحد الخطأ. وباستخدام طريقة المربعات الصغرى العادية (OLS) ، ووفقاً للمعنوية الاقتصادية يلاحظ أن كل من المشاريع الصناعية والتجارية ذات معنوية جيدة، أما المشاريع الزراعية فإنها تعاني من عدة صعوبات مما يجعل من العمالة متغيراً مستقلاً ذا تناسب عكسي مع كمية الإنتاج في هذه المشاريع.
وساهمت المشاريع محل الدراسة في تحسين مستوى المعيشة بنسبة بلغت 96% وزادت من دخل الفرد وأظهرت تحسين في الإنفاق على الغذاء واللباس والصحة، واحتلت المشاريع الصناعية المرتبة الأولى في تحسين مستوى المعيشة بصفة عامة، بينما احتلت المشاريع التجارية المرتبة الأولى في توفير فرص العمل الدائم والمؤقت.أما المشاريع الزراعية فاحتلت المرتبة الأولى في مواجهة الصعوبات المالية والفنية (عدم توفر التدريب ) والإدارية (تدني درجة التأهيل العلمي )، بالإضافة إلى مشكلة التعثر. واحتلت المشاريع التجارية المرتبة الأولى في مواجهة صعوبات البيروقراطية والصعوبات الاقتصادية بالإضافة إلى عدم توفر عنصر العمل، أما المشاريع الصناعية فلم تعان إلا من بعض الصعوبات الإدارية والتسويقية، ووفقاً لنتائج التحليل الإحصائي (SPSS)، تبين أن المشاريع الاستثمارية في البادية محل الدراسة قد نجحت في تخطي الصعوبات الفنية والإدارية والتسويقية والاقتصادية والتمويلية بنسبة 93% ، بينما هنالك 7% تعزى لمعوقات التنمية.
وقد تمكنت المرأة البدوية الأردنية من المساهمة في عملية التنمية بنسبة 88% وأظهرت النتائج حرية المرأة في التصرف في الدخل وتلقيها للمساعدات بالإضافة إلى حصولها على تسهيلات حتى باتت تحث غيرها على إقامة مشاريع استثمارية، حيث احتلت المشاريع التجارية المرتبة الأولى في مساهمة المرأة في إدارة النشاط الاقتصادي وتوفير فرص العمل المؤقت، أما توفير فرصة العمل الدائم فتتصدرها المشاريع الزراعية.
ووفقاً لما تقدم ذكره يتبين أن نجاح مشاريع التنمية في البادية محل الدراسة يتسلسل من الفكرة إلى التنفيذ مروراً بالتسويق وإنتهاءاً بالتحسين والتطوير، لذا لابد من المساهمة في تلبية متطلبات تنمية هذه المشاريع من خلال منظومة خدمات متكاملة وابتكار آليات متنوعة ومتطورة لتقديم هذه الخدمات، الأمر الذي يساهم في تفعيل دور مشاريع التنمية في البادية محل الدراسة، لاسيما تلك المشاريع التي تعمل في ظل إستراتيجية داعمة من أجل دعمها في تحقيق الأثر التنموي المرتقب من خلال تمكينها من النمو والانتشار بشكل سليم وناجح، بما يساهم في أداء دورها بفاعلية أكبر في تحقيق التنمية.