إدارة الجودة الشاملة وأثرها علي تطوير أداء منظمات التشييد الوطنية

Abstract

فى هذه الدراسة تناول الباحث مفاهيم الجودة في مختلف الثقافات الإسلامية واليابانية والغربية ، وتناولت الدراسة وجهات نظر الباحثين والمهتمين المتعددة تجاه تطبيقات إدارة الجودة الشاملة التي أتيحت له من خلال إطلاعه على أدبيات إدارة الجودة الشاملة فى مراجعها الأصلية و من خلال كتابات روادها الخمسة الأوائل و الدراسات السابقة المتعلقة بتطبيق إدارة الجودة الشاملة وقياس تأثيرها على أداء المنظمات. وتناولت الدراسة أيضاً تعدد وجهات نظر الباحثين نحو عملية تطبيق إدارة الجودة الشاملة وكيفية قياس تأثيرها على مقومات الأداء الشامل لمنظمات الأعمال . ونتيجة لتعدد وجهات النظر هذه تعددت التعاريف والنماذج حيث تناولتها الدراسة بشىء من التفصيل . ولا شك أن التباين في وجهات نظر الباحثين والكتاب ناتج عن تعدد المداخل والأهداف وإختلاف مفاهيم الباحثين نحو مستوى الجودة ونسبيتها. وجاءت هذه الدراسة مختلفة عن سابقاتها من الدراسات السودانية بأنها الأولى من نوعها في السودان التي حددت أهدافها بصورة واضحة وجلية حيث تمحورت أهدافها الثلاثة فيما يلى: 1. قياس تأثير تطبيق إدارة الجودة الشاملة على أداء المنظمات. 2. بناء نموذج منهجي وتطبيقى يمكن أن تستخدمه منظمات التشييد السودانية كموجه لتحسين أدائها الشامل. 3. التكامل بين الممارسات النظرية والتطبيق العملى لإدارة الجودة الشاملة. ولتحقيق أهداف الدراسة طرح الباحث ثلاثة إسئلة فرعية وتمت الإجابة عليها بصورة تحليلية شملت :- 1. ما مدى تطبيق إدارة الجودة الشاملة؟ وما أثرها على الأداء الشامل لمنظمات التشييد السودانية؟ 2. و مــا هو النموذج الملائم الذى يمكن أن تستخدمة منظمات التشييد السودانية كموجه لتحسين أدائها الشامل؟ 3. وكيف يمكن تطبيق النموذج عملياً ؟ لتحقيق أهداف الدراسة والاجابة على تساؤلاتها تناولت الدراسة مفاهيم رواد الجودة الشاملة الأوائل ديمنج، وجوران ، وكروسبى، وفيقنمبوم وإيشيكاوا.واستعرضت الدراسة أيضاً جوائز الإمتياز الدولية جائزة ديمنج اليابانية، والجائزة الأوربية، والجائزة الأمريكية وأخيراً الجائزة السودانية ، بالإضافة إلى الدراسات السابقة ذات العلاقة بموضوع الدراسة. ومن خلال التناول لهذه الأدبيات طورت الدراسة نموذجاً جديداً لإدارة الجودة الشاملة يتكون من (12) ركيزة بالإستفادة من ثلاثة نماذج مشهورة هى: نموذج (سرف وزملاءه،1989)، ونموذج (فلين وزملاءه ،1994)، ونموذج (آهيروزملاءه،1996) .

حيث إستخدم الباحث (9) مرتكزات من النماذج الثلاثة المذكورة بعد تطويرها وأضاف عليها ثلاثة مرتكزات جديدة لم ترد على الإطلاق فى نماذج إدارة الجودة الشاملة التى أتيح له الإطلاع عليها ليشتمل النموذج الجديد على (12) ركيزة . والمرتكزات المضافة هى: الرؤية الواضحة، ونظام تحسين الجودة، والإتصال الفعال وجميها لم يتطرق إليها الباحثين من قبل . وبتكوين هذه النظرية تم تعريف إدارة الجودة الشاملة في هذه الدراسة كما يلي: هى فلسفة إدارية تؤدى إلى التحسين المستمر لأداء المنظمة بواسطة القيادة الفاعلة التى تدفع بالعمل وتقود التكامل الداخلى و بناء الشراكة مع الموردين و تكوين الرؤية الواضحة والتقييم والرقابة على العمليات وتحسينها و جودة التصميـــم و نظام لتحسين الجودة و مشاركة العاملين و التقدير والاعتراف و تطوير وتدريب العاملين وربطهم بنظام اتصال فعَال يحقق التركيز على متطلبات العميل.

وفق تعريف هذه الدراسة فان نموذج إدارة الجودة الشاملة يشتمل على أثنى عشر ركيزة تحتوى كل ركيزة على عدد من الممارسات (84) ممارسة وبالتالى شكل هذا التعريف بالإضافة إلى أدبيات إدارة الجودة الشاملة وممارساتها المتعددة الأساس المتين لإجراء هذه الدراسة. وتناولت الدراسة أيضاً أدبيات تطوير الأداء الشامل من منظور إدارة الجودة الشاملة، وتم تحديد مقومات الأداء الشامل الأربعة وهى (رضا العاملين وجودة المنتج ورضا العميل والأداء الاستراتيجى للمنظمة) لأول مرة فى مجال إدارة الأعمال ، وبالتالى تمت الإجابة على سؤال الدراسة الثانى: ماهى مقومات الأداء الشامل من منظور إدارة الجودة الشاملة ؟ .وبعد الإجابة على سؤالى الدراسة الأول والثانى تم دمج نموذج تطبيق إدارة الجودة الشاملة ونموذج تطوير الأداء الشامل وتشغيلهما معاً لبناء العلاقات التكاملية بين المتغيرات ليشمل النموذج الجديد على عشرة فرضيات مثلت فيه مرتكزات إدارة الجودة الشاملة مجتمعة ( أثنى عشرة ركيزة) المتغير المستقل بينما مثلت مقومات الأداء الشامل الأربعة(رضا العاملين وجودة المنتج ورضا العميل والأداء الاستراتيجى ) المتغيرات التابعة ،وتم بناء العلاقات التكاملية بين المتغير المستقل والمتغيرات التابعة في نموذج واحد لأول مرة في مجال إدارة الجودة الشاملة بهدف إختبار الفرضيات الرئيسية للدراسة. أما بالنسبة لإختبار الفرضيات الفرعية بين مرتكزات تطبيق إدارة الجودة الشاملة ومقومات الأداء الشامل الأربعة تم بناء نموذج الدراسة الذي إعتمد على الدمج بين النموذجين نموذج مرتكزات إدارة الجودة الشاملة ونموذج مقومات الأداء الشامل للمنظمة مكوناً نموذج الدراسة حيث إشتمل النموذج الجديد على تسعة عشر فرضية وتم توضيح العلاقات بين متغيرات الدراسة الستة عشر. وبناءاً على هذه العلاقات تم تصميم أداة الدراسة التى تتكون من إستبانتان ( إستبانة تطبيق إدارة الجودة الشاملة ، وإستبانة الأداء الشامل) بالإعتماد على أدبيات إدارة الجودة الشاملة والدراسة الميدانية الأستكشافية التى أجراها الباحث ونشاط مجتمع البحث وبيئته الخاصة، واشتملت إستبانة تطبيق إدارة الجودة الشاملة على أربعة وثمانون سؤالاً (84) لقياس تطبيق إدارة الجودة الشاملة ،بينما اشتملت إستبانة الأداء الشامل على أثنى عشر سؤالاً (12) لقياس مقومات الأداء الشامل لمنظمات التشييد . ولأجل الوصول إلى أهداف الدراسة والإجابة على سؤالها الثالث تم إتباع الإستراتجيات التالية عند جمع البيانات :- الدراسة المسحية (الاستبانة) ،و المقابلة و الملاحظة و دراسة الحالة. ولأجل إختبار فرضيات الدراسة عملياً تم تصميم استبانتان الاولى لقياس تطبيق مرتكزات إدارة الجودة الشاملة في منظمات التشييد السوداني، والثانية لقياس مقومات الاداء الشامل ، وتم تقييم موثوقية وثبات الاستبانتان من خلال توزيعها على الخبراء وبلغ معامل صدق وثبات الإستبانتيت (0.969)و ( 0.94 ) على التوالى . وبناءً على نتيجة التقييم هذه وزعت الأداة على مجتمع الدراسة بمعدل (استبانتات) لكل منظمة مبحوثة ، ويشير الباحث هنا أنه تتم الإجابة على أداة الدراسة من قبل شخص واحد فى كل منظمة مبحوثة. وتم جمع البيانات من تسعين(90) منظمة تشييد سودانية من جملة (120) منظمة تسلمت الأداة ، وبلغت نسبة الإستجابة (75%) وإعتبرها الباحث نسبة عالية . وباستخدام برنامج تحليل البيانات الإحصائية ( SSPS 13 ) ، تم التأكد من عامل الثقة والثبات الداخلى والثبات الخارجى وتحليل المتغيرات والحصول على معامل الإرتباط المطلوب لكلا الإستبانتين، كما استخدم برنامج تحليل البيانات الاحصائية( (SPSS13 أيضاً في حساب النسب والمتوسطات والمقارنة بين المتوسطات للتعرف على مستوى تطبيق إدارة الجودة الشاملة فى منظمات التشييد السودانية مما ساعد الباحث فى عملية تصميم نموذج تحسين الأداء الداخلى للمنظمات. ولإختبار معنويات الفروض تم استخدام طريقة الإنحدار البسيط ذات الأتجاه الواحد ، ومن ثم ُحسبت قيمة (ت) ومعامل الإرتباط بين المتغيرات الستة عشر(R ). ومن خلال التحليل الإحصائي للبيانات تبين أن ثمانية عشر(18) فرضية من أصل تسعة عشر(19) حققت مستوى المعنوية المطلوب، عدا فرضية واحدة وهي فرضية العلاقة بين (التطوير والتدريب ورضا العاملين) وتوصلت الدراسة المسحية إلى النتائج التالية: 1. أن أداة هذه الدراسة ذات مصداقية وثبات وبالتالى يمكن لباحثين آخرين إستخدامها فى قياس تأثير إدارة الجودة الشاملة فى منظمات التشيدد والمنظمات الأخرى. 2. اتضح من نتائج الدراسة أن تطبيق إدارة الجودة الشاملة يحقق أثراً ايجابيا علي جميع مقومات الأداء الشامل للمنظمة( رضا العاملين ، وجودة المنتج ، ورضا العميل ،و الاداء الستراتيجة). 3. تعتبر القيادة مركز اتخاذ القرار وفى الجانب الآخر عدم وجود الإدارة الفاعلة و المتعهد والمندمجة و القوية و الملمة بمفاهيم وأساليب إدارة الجودة، لا تستطيع المنظمات تحسين وتطوير الأداء الشامل . 4. توصلت الدراسة إلى أن مستوى تطبيق إدارة الجودة الشاملة فى منظمات التشييد السودانية ضعيف للغاية إلا أن هنالك رغبة أكيدة من قبل العاملين بالمنظمات نحو التعرف على الخطة المناسبة لتطبيق إدارة الجودة الشاملة فى منظمات التشييد السودانية بصورة تدريجية . 5. توصلت الدراسة الي أن مرتكزات إدارة الجودة الشاملة المحددة في نموذج الدراسة تحقق أثراً ايجابياً علي مقومات تطوير الأداء الشامل لمنظمات الأعمال بصفة عامة عدا ركيزة التطوير والتدريب . 6. توصلت الدراسة أيضاً إلي أهمية دور القيادة و إمكانية تأثيرها الايجابي علي رضا العاملين والأداء الاستراتيجى للمنظمة. 7. توصلت الدراسة إلى عدم وجود التفكير الاستراتيجي للقيادة في منظمات التشييد السودانية لعدم وجود الرؤية الواضحة ومعرفة الوسائل التي تقود إلى تحسين الوضع التنافسى للمنظمات. 8. توصلت الدراسة إلى وجود ضعف كبير في مستوى مشاركة العاملين وتمكينهم و أن هنالك شبة إجماع من المبحوثين علي أن مشاركة العاملين تؤدي إلي رضا العاملين بالمنظمة . 9. توصلت نتائج الدراسة إلى أن الإدارة لا تهتم بعملية وضع البرامج التدريبية والتطويرية للعاملين. 10. توصلت الدراسة إلى عدم رصد الإدارة العليا للموارد المالية اللازمة لإنجاح برنامج إدارة الجودة الشاملة . 11. توصلت الدراسة إلى قلة إهتمام الإدارة بتدريب وتطوير العاملين بالرغم من أن تدريب وتطوير العاملين يحقق أثراً ايجابياً علي رضاء العاملين من خلال نتائج الاستبانة والمقابلة. 12. اجماع المبحوثين على قلة الخبرة والتجربة العملية لمهندسى التصميم من حيث فهم متطلبات العميل والإدراك. 13. عدم تنفيذ برنامج إدارة الجودة( أيزو 9000) حسب المعايير والنمطيات المحددة . 14. انعدام الفهم المتبادل بين الإدارة والعاملين وبالتالى انعدام تفويض العاملين . 15. توصلت نتائج الدراسة إلى أن معظم مشاكل الجودة في مشروعات التشييد ناتجة عن عدم جودة التصميم وبالتالى مستوى أداء العمليات وإداراتها. 16. توصلت الدراسة إلى وجود ضعف شديد فى عملية الاتصال بين إطراف المشروع مما يؤدى إلى تأخر اكمال المشروعات في الوقت المحدد لتسليمها . 17. ليس هنالك اهتمام بالتركيز على العميل كمبدأ من مبادىء ادارة الجودة الشاملة. 18. اعتماد الإدارة على الخبرة المتواترة في الحكم على المشكلات ، الا أن الخبرة وحدها ليست كافية لحل المشكلات ما لم يتم جمع البيانات وتحليلها للتعرف على أسباب المشكلة. 19. تستخدم المنظمات مواد لا تناسب مع قدرة الآليات والمعدات وبالتالى العمليات مما يؤدى إلى سوء جودة منتجات التشييد. ومن الملاحظ مناداة بعض الادارات باستخدام التكنولوجيا لكى يتحقق تحسين الأداء ولكن التكنولوجيا وحدها ليست كافية لتحقيق الجودة المطلوبة ما لم تتواءم المواد المستخدمة في الانتاج مع الآليات والمعدات . ويؤدى عدم الموائمة إن وجد إلى حدوث التباين والفروق وبالتالى إعادة الأعمال مما يقود إلى تعظيم التكاليف الكلية للمنتج . 20. قلة التنسيق بين الادارات المختلفة داخل المنظمات حيث لا يوجد عمل الفريق المتجانس مما يؤدى إلى تضارب المعلومات وإهدار الوقت. 21. قلة مهارة العاملين نتيجة إلى عدم اهتمام المنظمات والدولة بإنشاء مؤسسات للتدريب المهنى . 22. عدم تهيئة المنظمات بيئة العمل المناسبة مما يساعد على استقرار العاملين وظيفياً. 23. عدم معرفة أساليب التحليل وخاصة تلك المتعلقة بتحليل تكاليف الجودة مما يؤدى إلى زيادة تكاليف المشروعات. 24. عدم وجود معايير محددة لقياس الأداء وتقييمه وتقييم العاملين . 25. عدم وضوح الأهداف لمعظم الادارات حيث لاتوجد أهداف واضحة ومحددة . 26. عدم وجود التخصص ، حيث تعمل المنظمات في كل المجالات الإقتصادية مما يقلل التركيز. 27. يتم حل المشكلات عن طريق التخمين وليس على أساس التحليل العلمى للبيانات . 28. ضعف مستوى الرقابة على العمليات و تحسينها. 29. التردد في استخدام تجارب الآخرين والإستفادة من المفيد منها في عملية حل المشكلات والتفاوض واتخاذ القرار. 30. انخفاض مستوى قدرة الإدارة والعاملين على تقييم الاداء العام للمنظمة مما يؤدى إلى انخفاض القدرات الابتكارية. 31. عدم اهتمام الادارة بالإنسان العامل وتقديره والاعتراف بمجهوده . 32. قصور في مفهوم مجتمع الدراسة لمستوى الجودة والأداء. 33. قلة الانتباه لإجراءات الوقاية والمنع قبل حدوث الانحرافات . 34. خلط المبحوثين الكبير بين فهم وسائل إدارة الجودة (المدخلات) ونتائج الأداء الشامل (المخرجات) . 35. اتضح أن الإدارة تتخذ القرارات عن طريق التخمين والاعتماد على الخبر حيث إن الخبرة وحدها ليست كافية ما لم تكن وسائل ترجمتها إلى فعل موجودة . 36. اتضح من نتائج الدراسة قلة المعرفة لدي منظمات التشييد بما تعنيه مرتكزات إدارة الجودة الشاملة بالتالى لم تتمكن من التعرف على الوسائل التي تساعدها على تحديد مساحات الخلل . 37. توصلت الدراسة إلى أن عينة الدراسة تمارس ركيزتين فقط من مرتكزات إدارة الجودة الشاملة هما :الاتصال والتركيز على العميل وذلك بحصولهما على معدل أكبر من المتوسط. 38. إتضح من نتائج الدراسة احتياج المنظمات لبناء خطة لتحسين الأداء . 39. تبين من نتائج الدراسة ليس بالضرورة تطبيق جميع مرتكزات إدارة الجودة الشاملة دفعة واحدة و بعبارة أخرى لو أن منظمة ما تطبيق عدد من مرتكزات إدارة الجودة الشاملة فان ذلك ربما يؤدى إلى مستوى معقول من تطور الأداء الشامل. و من خلال هذه النتائج تمت الإجابة على سؤال الدراسة الأول: ما مدى تطبيق إدارة الجودة الشاملة؟ وما أثرها على الأداء الشامل لمنظمات التشييد السودانية؟