إطار علمي للمراجعة الاجتماعية و تقويم الأداء الاجتماعي لتحقيق المساءلة الاجتماعية

Abstract

هدفت المشروعات الاقتصادية إلي تحقيق أكبر عائد ممكن لأصحابها دون مراعاة لأية اعتبارات أخرى، مما أدى إلى تضارب المصالح المختلفة لنوعيات المجتمع، نتيجة لذلك ظهرت ردود الفعل قوية لدى الرأي العام، و تشكلت مجموعات الضـغط لحماية البيئة، وحماية المستهلكين، ولحماية العاملين. أدى ذلك لتغير النظرة إلى المشروع. وبالتالي أصبح لزاماً على المشروع أن يعمل على تحقيق أهدافه الاقتصادية في إطار الأهداف العامة للمجتمع، ومن ثم أصبحت أهـداف المشروع خليطاً من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تصبح مسئولياته مزيجاً من تحقيق الربح والعمل الاجتماعي. وهذا هو جوهر المسئولية الاجتماعية للمشروع، وأصبحت مسئولية الإدارة ذات شقين، الشق الأول منها تجاه المجتمع ويعرف بالمسئولية الاجتماعية، والشق الثاني تجاه أصحاب المشروع ويعرف بالمسئولية الخاصة (المالية). وهذا مما يحتم ضرورة وجود إطار فكرى لمسئولية إدارة المشروع، أدى إلى ظهور الحاجة إلى المحاسبة الاجتماعية. ولابد أن تكون كل أنشطة المشروع ومسئولياته موضع فحص من مراجع خارجي.الشيْ الذي يستدعي ضرورة وجود نوع من المراجعة الاجتماعية جنباً إلى جنب مع المراجعة المالية (التقليدية)، والذي يهدف إلى قياس وتقييم الأداء الاجتماعي من اجل الوصول إلى نوع من المساءلة الاجتماعية من قبل المجتمع. وترجع أهمية الدراسة إلى أن موضوع المحاسبة والمراجعة عن المسئولية الاجتماعية من أحـدث الموضوعات التي نالت اهتمام أصحاب الفكر الاقتصادي والإداري والمحاسبي، ولكي تستمر مهنة المحاسبة والمراجعة وتتطــور فلابد أن تلبي حاجات المجتمع من المعلومات الاجتماعية بجانب المعلومات الاقتصادية (المالية). بالإضافة إلى محدودية الدراسات التي تبحث في القياس و التقرير و المراجعة عن الأداء الاجتماعي للمشروعات الاقتصادية. تلخص هدف الدراسة في وضع إطار فكرى للمفهوم المستحدث لمسئوليات إدارة المشروع، مع تحديد البنيان الفكري لنظم المحاسبة الاجتماعية كبعدين (فلسفي ومحاسبي) للمراجعة الاجتماعية، ومن ثم وضع تعريف ملائم للمراجعة الاجتماعية وطبيعتها وتوضيح أسبابها ومزايا تطبيقها، والفحص والتحقق من القوائم المحاسبية الاجتماعية، وتقييم الأداء الاجتماعي لمشروعات الأعمال، بتقديم تصور نظري لكيفية الاستفادة من المراجعة الاجتماعية في عملية القياس ومعايرة الأداء الاجتماعي بغرض تقيمه وذلك بتكوين إطار علمي متكامل للمراجعة الاجتماعية يشتمل على مستويات الأداء التي يمكن أن تمارس على ضوئها وتحديد الخطوط التنظيمية والخطط الإدارية والتنفيذية لممارستها، وصولا لوضع الإسلوب المناسب للتقرير عن نتائج المراجعة الاجتماعية .

وتمثلت فرضية الدراسة الأولى في أن للمسئـولية الاجتماعية مفاهيم وخصائص وأهـداف ومبادئ ومعايير للقياس والإفصاح، تكون الإطار الفكري للمحاسبة والمراجعة الاجتماعية، والفرضية الثانية هي أن المشروعات الاقتصادية في السودان تنفق مبالغ ضخمة في أنشطة المسئولية الاجتماعية، إلا أن إهمال استخدام الطرق والأساليب العلمية في مجال المحاسبة والمراجعة الاجتماعية أدى إلى عدم الإفصاح عن حقيقة المركز المالي ونتائج الأعمال لهذه المشروعات، أما الفرضية الثالثة هي ان للمراجعة الاجتماعية مفاهيم وأهداف ومقومات تكون إطارها الفكري، والفرضية الرابعة تمثلت في أن للمراجعة الاجتماعية إجراءات تنظيمية وتخطيطية وتنفيذية ومستويات للتقرير والأداء تكمل إطارها العملي والتطبيقي، وأخيرا الفرضية الخامسة التي تناولت غياب المقاييس الكمية الملائمة والمعايير والأنماط المحددة المتفق عليها ، مع اعتبارها مشكلة أساسية تواجه مجال تقييم الأداء الاجتماعي للمشروعات. اعتمدت الدراسة على المنهج العلمي الشامل لكي يتم من خلاله جمع الحقائق العلمية التي تتعلق بأهداف وفروض الدراسة، منها المنهج التاريخي في عرض الدراسات السابقة المرتبطة بموضوع الدراسة، والمنهـج الاستنباطي في تحديد التصور المنطقي لفروض الدراسة والتعرف على أنماط المشاكل المرتبطة بها وتصور كيفية معالجة هذه المشاكل، والمنهج الإسـتقرائي المعتمد علي المصادر الميدانية من خلال استمارة استبيان لعينة الدراسة لإختبار صحة فرضيات الدراسة، والمنهج الوصفي التحليلي ويتمثل في تحليل نتائج الدراسة الميدانية. تمثلت حدود الدراسة في مشروعات الأعمال، أي كان نوعها أو نشاطها ، بشرط أن تهدف إلي تحقيق الربح ، ومعنى ذلك أنه يخرج عن نطاق الدراسة المشروعات الخدمية اللاربحية كوحدات الإدارة المحلية (الحكومة) والجمعيات الخيرية والمنظمات الطوعية وغيرها من المشروعات الشبيهة الأخرى. ونظراً لعدم خروج مهنة المراجعة الاجتماعية إلي حيز التطبيق العملي بعد ، فقد اكتفى الباحث بتأكيد دراسته النظرية بدراسة ميدانية على عينة من المهنيين من ممارسي مهنة المحاسبة والمراجعة في السودان سواء من خلال مكاتب خاصة أومن خلال بعض شركات القطاع الخاص، وإدارات مراجعة الحسابات التابعة لديوان المراجعة العامة وديوان الحسابات، وكذلك على الأكاديميين من أساتذة الجامعات والباحثين وطلاب الدراسات العليا. اشتملت الدراسة على أربعة فصول، الفصل الأول تناول مبررات الحاجة إلى إطار علمي للمراجعة الاجتماعية، الفصل الثاني تعرض إلى الإطار العلمي للمراجعة الاجتماعية، أما الفصل الثالث فتناول تقييم الأداء الاجتماعي كمدخل لتحقيق المساءلة الاجتماعية للمشروعات، والفصل الرابع اهتم بالدراسة الميدانية وتحليل البيانات واختبار صحة الفرضيات التي تخص موضوع الدراسة.

أوصت الدراسة بتنمية ودعم المفهوم المستحدث للمسئولية الاجتماعية، وبتوجيه وتشجيع البحوث في الإطار الفكري لنظرية المراجعة الشاملة لكافة نواحي الأداء(مالي، اجتماعي، إداري) مع ضرورة الاهتمام بموضوع المراجعة الاجتماعية من المنظمات العلمية والمهنية وذلك بتدريسها بالجامعات والمعاهد المختصة، والاعتراف بهذا النوع من المراجعة من السلطات التشريعية والمنظمات المهنية، أي إضفاء صفة الشرعية عليه أو وضعه في إطار قانوني ملزم