Abstract:
تناول هذا البحث جوانبَ من علم العَروض من خلال مفاهيمِها وتطبيقاتها عند عبد الله الطَّيب، فتُنوول الوزنُ من حيث مفهومِه عند العروضيِّين، ثم عند عبد الله الطَّيب، مع مناقشة مسألة التزامِه في الشِّعر العربيِّ عمومًا، وفي الحديثِ منه على وجه الخصوص، حيث اتَّضح رأيٌ - يكاد يكون حاسمًا - لعبد الله الطَّيب فيما ظهَر مما يسمَّى بالشعر الحرِّ، أو شعرِ التَّفعيلة. ثم ناقَش البحث مسألة العلاقةِ الرابطةِ بين البحرِ المعيَّن، والغَرضِ المُختارِ للنَّصِّ، وذلك فيما بين آراء علماءِ العَروض قديمًا وحديثًا، وما بين رأي عبد الله الطَّيب في مرشده، حيث كانت له نظرتُه الخاصَّةُ التي لم يَلتزم بها تمامًا من خلال أدائِه الشِّعريِّ. ثمَّ أعقب ذلك - فيما يخصُّ الوزنَ - حديثٌ عن البحور الشِّعريَّة بإسهابٍ يتناول كلَّ بحرٍ على حدةٍ، من حيث آراءِ العلماء فيه وفي أغراضه، ثم من حيث رأي عبد الله الطَّيب الذي نُوقش تَطيبقًا واقعيًّا في ديوانه الشِّعريِّ، وقد يظهر تميُّزٌ له عندما قسَّم البحور إلى طِوالٍ، وقِصارٍ، وأخرى بينَ بينَ .
أما القافية فقد نالت حظَّها من البحث من خلال مُجمَل آراء العلماء القُدامَى والمحدَثين، وذلك فيما يتعلَّق بمفهومها ومفهومِ التزامِها، حيثُ كان لعبد الله الطَّيب تفضُّلُه في استقصاء حروف الهجَاء رويًّا في سائر الشِّعر العربيِّ مبيِّنًا ما ذلَّ منها وما نَفَر، وما جمُل منها وما قَبُح، ثم مُحاوِلاً الرَّبطَ بين الحرف الرويِّ في صوتِه، وبين الغَرض الذي يُصاغ القصيدُ من أجله. ثم تناول البحث عيوبَ القافية، ومحاسنَها عند عبد الله الطَّيب من خلال مناقشةِ آراء العلماء قُداماهم والمحدَثين؛ فكان يتَّفق معهم طَورًا، ويخالفُهم أطوارًا أخرى .
أما الباحث فقد مهَّد لذلك كلِّه بمُفارقةٍ بين الصورة الفنيَّة كعملٍ يخصُّ الشِّعر وتأثيرَه العاطفيَّ القلبيَّ في المتلقِّى، وبين الإيقاعِ والموسِيقَى كعملٍ يخصُّ الشِّعر وتأثيرَه الصَّوتيَّ الأُذنيَّ في المتلقِّي؛ فاعتَبر الأولَ من التَّعنِّي والاضطراب، والثانيَ من التَّغنِّي والإطْرابِ. كما كان من الضروريِّ أن يمهِّد الباحث - لبيان آراء عبد الله الطيب العَروضيَّة - بحديثٍ عامٍّ عن لغتِه الشَّاعرة من واقع المؤثِّرات المختلفة في حياته عبر الأحداث والبيئةِ وغيرهما؛ فكان أنِ افتُرعَتْ أبوابُ الدراسة بذكر شيءٍ من نشأته وحياته العلمية؛ كخلفيةٍ قد يُرتكز عليها فيما يَعرض بعدُ من نتائج الدراسة. هذا بجانب عمل الباحث على تقديم الآراء جميعِها في قوالبَ من اللغة السَّهلة مُختارًا منها ما فشَا وذاع برجاحته، دون ما اغتُمِر، أو كان مَرجوحًا، وهو في خضمِّ ذلك يُقايِس بين الآراء بالمقارنة مع رأي عبد الله الطَّيب، ولربَّما خرج الباحث برأيٍ يختلف مع الجميع، أو يوافقُهم، أو يوافقُ بعضَهم دون بعضِهم الآخرِ.