Abstract:
تتناول الدراسة قضية هوية العمارة السودانية وأهمية معرفة الخصائص المعمارية المحلية لكل منطقة بأبعادها الوظيفية والبيئية والثقافية والاجتماعية. وتهدف إلي دراسة وتوثيق الحالة الراهنة للعمارة المحلية.
وتختص الدراسة بالمسكن النوبي في أقصي شمال السودان، في الفترة الزمنية من بداية القرن العشرين إلي بداية ال وتختص الدراسة بالمسكن النوبي في أقصي شمال السودان، في الفترة الزمنية من بداية القرن قرن الواحد والعشرين.
نظرا لامتداد الرقعة الجغرافية لإقليم الدراسة وضخامة الإرث التاريخي للحضارة النوبية، وقيد عامل الزمن ومحدودية الموارد المتاحة أكتفت الدراسة بالتركيز علي منطقة السكوت.
جاء هذا الاختيار للتشابه الكبير بين هذه المنطقة والمناطق النوبية الأخرى. ويشكل نهر النيل مقوم حياة الإنسان والمصدر الأساسي لنشاطاتهم الاجتماعية والاقتصادية، كما أنهم يشتركون ثقافيا في اللغة النوبية التي يتحدث بها اغلب السكان مع اختلافات طفيفة في اللهجات من منطقة لأخرى.
ترتكز الدراسة علي ثلاثة أقسام رئيسية: الإطار النظري، ويشمل الخلفية التاريخية والجغرافية والاجتماعية, ويتناول الزمان والمكان والإنسان، ويهيئ بذلك خلفية للنظر في الظروف التاريخية التي صحبت تشكيل المسكن، والتقسيم الجغرافي، والإنسان النوبي الذي يعيش فيه، إلي جانب ذلك يطرح الجوانب النظرية للمسكن عموما، ويقدم علي وجه الخصوص بعض نماذج للمسكن التقليدي الأفريقي والمسكن التقليدي السوداني.
ويغطي القسم الثاني العمل الميداني، ويتعلق بجمع البيانات لمنطقة الدراسة، ويعطي نبذة وصفية للسمات المعمارية للأنماط السائدة من المساكن النوبية الموجودة، كما يعرض نماذج بعض حالات الدراسة المفصلة.
القسم الثالث ويعني بالتحليل حيث يرصد الأنماط المعمارية المشتركة وتحديد العلاقة في ما بينهما وبين البيئة والظروف المحيطة، بينما يتناول الفصل الأخير نتائج الدراسة المستخلصة ويسعي إلي تقديم تفسير أكثر علمية للحالة الراهنة لعمارة المسكن.
تشير نتائج الدراسة أولا لتواءم المسكن النوبي مع طبيعة المنطقة وثقافة سكانه حيث تم توظيف كل المواد المحلية في تشييد المباني وحاجيات الحياة اليومية دون إخلال ظاهر بالبيئة. النمط الغالب في المساكن يتكون من فناء داخلي تحيط به المباني من جانبين أو أكثر مع فراغات متخصصة تستوعب الحاجات الاجتماعية والثقافية والظروف البيئية المحيطة، ويعالج المسكن النوبي من خلال تصميمه التقليدي مشاكل التهوية والتظليل وتجنب ضوء الشمس المباشر لامتصاص الحرارة صيفا، وتوفير غرف متخصصة لاتقاء برد الشتاء القارص، وللمناسبات الاجتماعية.
تلاحظ غياب المرافق الصحية ومصادر الطاقة، لكن لم تغفل النواحي الجمالية في الزخارف والنقوش في البوابات والأسوار والواجهات وبعض أواني الطعام.
كما تشير علي وجه العموم إلي الحاجة الملحة لإجراء دراسات محلية في كل المجالات المعرفية علمية وأدبية وإجتماعية، نظرية وتطبيقية، ومن جهة أخري تشير هذه النتائج إلي ضرورة تولية اهتمام أكبر للعمارة المحلية وعلي وجه الخصوص السمات المعمارية للمناطق النوبية الأخرى ويعود ذلك لأن هذه المعالم تتعرض للاندثار والفقدان بسبب العوامل الطبيعية والبشرية، وتطوير آلية فاعلة ومحايدة لبث الوعي المعماري ثقافيا وذلك لضمان استمرارية التواصل بين الأجيال.