معيار كفاية رأس المال بالمصارف السودانية الملآءة المصرفية

Abstract

تعتبر الرقابة المصرفية وآلياتها بأنها حجر الزاوية الذي يعمل على السلامة المصرفية وقد ازدادت أهمية هذا الموضوع بعد ظهور عدة تطورات على هذه الصناعة ولعل أهم هذه التطورات هو ظهور العولمه والتي سيطرت على كل المجالات خاصة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . كما أن هذه الظاهرة قد أدت الى ظهور وسيطرة عدد من المصارف والمؤسسات المالية العملاقة للتجارة الدولية وتحركات رؤوس الاموال .ونتيجة لهذه التطورات المتسارعة والتي ارتبطت بازمات مالية عالمية حادة ادت الى انهيار عدد من المصارف والمؤسسات المالية الكبرى ، اصبح الدور الرقابي للسلطات المالية والنقدية دورا متعاظما ومهماً . لقد اهتمت المؤسسات الرقابية المالية فى الدول الغربية لخطورة ومهددات هذا الوضع ، ولهذا قررت إعطاء أهمية كبرى لتطوير معايير رقابية موحدة ما امكن ذلك لتصبح هذه المعايير مبادئ ذات منهجية تلتزم بها كافه الدول الاعضاء فى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وذلك لتحقيق معدلات السلامة المصرفية المطلوبة وضمان أعلى درجة من الشفافية والإفصاح لحماية انظمة الدفع الدولية وتحركات رؤوس الاموال . لهذا الغرض أصدرت لجنة بازل الرقابية (وهي هيئة رقابية دولية ومقرها سويسرا ) عددا من المؤشرات الرقابية الاحترازية أجملت فيما يسمى (بمبادئ بازل الأساسية الخمس وعشرون ) للرقابة المصرفية ، والتى يجب ان تلتزم بها كل المصارف ذات العضوية في المؤسسات النقدية الدولية. وبداية من العام 1992 أصدرت تلك اللجنة المعيار الرقابي الأول لكفاية راس المال والملاءة المالية بالمصارف . وهذا المعيار الموحد ربط حجم رأسمال المصرف الواجب الإيفاء – واحتياطاته – مع الأصول بهدف درءالمخاطر عن تلك الاصول . وقد تم تحديد هذا الحجم فى حدود 8% كحد أدنى لرأس المال المدفوع من جملة الأصول مقيمة بأوزانها المرجحة من حيث المخاطر . كما تم – في نفس الوقت – تطوير نظام للتقويم المالي والاداري للمصارف اعتمد فيه معيار كفاية رأس المال (Capital Adequacy )كأول عنصر واضيف اليه اربع عناصر اخرى وهي جودة الاصول ، كفاءة الادارة ، الارباح ، السيولة وحساسية التحركات السوقية التي تؤثر على مالية المصرف . وقد اطلق على هذا النظام اختصاراً كلمة CAMELS وهي تعني تلك المكونات باللغة الانجليزية Capital , Assets, Management , Earnings, Liquidity and Sensitivity . . لقد تم تطوير هذا النظام التقويمي ليعكس للاجهزة الرقابية وادارات المؤسسات المالية الحد الادنى من الشفافية والافصاح وذلك من خلال رصد العناصر المؤثرة في حركة السوق ، والتقرير بشأن فعالية ضوابطها في الكشف عن الاداء المالي والاداري لتلك المؤسسات ، لأن سلامة هذه الكيانات وقدرتها على القيام بالوساطة المالية

وتحريك المدخرات المحلية والاجنبية لتشجيع الاستثمار وتوفير الثقة المطلوبة في المصارف للقيام بالدفعيات المنتظمة والسليمة بالكفاءة المطلوبة دون مواجهة ازمة سيولية . وكان على السودان - شأنه شأن الدول الأخرى – أن يقوم بتطبيق هذا المعيار على النظام المصرفي . وبالفعل قام بنك السودان في عام 1994 بتوجيه المصارف بضرورة الالتزام بهذا المعيار كسياسة رقابية قابلة للتنفيذ . يتناول هذا البحث موضوع الرقابة المصرفية فى السودان والتطورات التى حدثت فيها كما يبرز المشاكل والمعوقات التى واجهت الجهاز المصرفي وحدت من إمكانيات تطوره وتقدمه . تغطى الدراسة الفترة من العام 1997 الى 2002 وهى تتضمن بالرصد والتحليل التقويم المالي والمؤشرات التى تعكس مدى التطور الذى حدث فى هذا الجهاز وهياكله المالية بالتركيز على مدى أيفاء المصارف بمعيار كفاية راس المال كما يشتمل على الاختبارات المرتبطة بفرضيات البحث التى تعمل على تقويم المشكلة. تكمن مشكلة البحث في ان المصارف السودانية تعاني من الضعف المالي والاداري الشيء الذي أقعدها وحد من قدرتها عن القيام بدورها المطلوب والمتمثل في تحريك رؤوس الاموال وتوفير التمويل لمختلف الانشطة الاقتصادية والتجارية . وقد تبنى الباحث عدد من الفرضيات ركزت على علاقة مسببات هذا الضعف ونتائجه ، كما انتهج الباحث المنهج الوصفي - التحليلي لاختبار الفرضيات وذلك ببيان القدر المطلوب من ادبيات الرقابة المصرفية والتطورات التى جدت عليها بالاضافة لاحصاءات البيانات المالية والتقارير الصادرة من الجهات الرسمية (بنك السودان ، البنوك التجارية ... الخ ) وذلك لعكس الموقف المالي والاداري بالمصارف السودانية وبالتالي استخلاص النتائج . لقد خلصت الدراسة الى ان الجهاز المصرفي فى السودان يواجه مشاكل وتحديات مختلفة تحد من قدرته وانطلاقه نحو القيام بدورة المطلوب فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية . ووضح من البحث ان نسبة 23% من المصارف العامله تعانى من الضعف المالي فى هياكلها المالية المختلفة وتمثل ذلك فى تدنى قاعدة راس المال وضعف الاستثمار بل وتخلف العديد من المصارف فى عدم الالتزام بالمعايير المطلوبة بالحد الأدنى المطلوب لادارة المخاطر والإيفاء بمعايير كفاية راس المال ومتطلبات التقويم المالى وهو نظام ال CAMELS ) (وهذا الوضع يجعل العديد من المصارف غير مؤهلة للاستمرار والمنافسة مما يعرضها لمخاطر الإفلاس او التصفية ، ولهذا لا بد من تبني سياسات نافذة مثل اعادة هيكلة رؤوس الاموال او الدمج وغير ذلك من الخيارات التي قد تؤدي لوجود مؤسسات مصرفية قوية وقادرة على القيام بدورها بفاعلية . وقد تضمن البحث عدداً من التوصيات وتبنى عدداً من السياسات كتوصيات فى سبيل الإصلاح حتى يتسنى لهذا القطاع الهام تجاوز مشاكله الهيكلية التي تواجهه وتحد من قدراته وتطورة. ولعل أهم هذه التوصيات هي ضرورة رسم سياسات اقتصادية ومالية تعمل علي إزالة الركود الاقتصادي والمالي من أجل دفع عملية الاستثمار في هذا القطاع والتقليل من درجات المخاطر التى تحيط به . وهذا يمكن الوصول إليه بإيجاد بيئة مصرفية سليمة لتحقيق الاستقرار المالي المنشود الذي يخفض من المخاطر ويحفز المصارف لبناء قاعدة مالية قوية تقنية مصرفية متقدمة . إن إنفاذ هذه السياسات الكلية والجزئية سوف يجعل المصارف مؤهلة للمنافسة وبالتالية القيام بدورها المطلوب في الاقتصاد القومي . كما اقترح البحث عدداً من المواضيع التي يمكن أن تجري عليها ابحاث مستقبلية تفيد في تصحيح اختلالات الجهاز المصرفي .