Abstract:
تَتناول هذه الدِّراسةُ جانباً هامَّاً مِن أحكام الأُسرة في الإسلام؛ حيث تتحدَّث عن الفروق الفقهية بين الرَّجل والمرأة في الأحوال الشخصية، بأُسلوب عِلمي قائم على اتِّباع المَنْهَجَيْن الوصفي والاستقرائي التحليلي، وتَرُدّ على مَن يَبُثُّون سُمومَهم إلى داخل المجتمع الإسلامي مِمَّن يَنتسبون إلى الإسلام ومِن غيرهم، وجاءت الدِّراسة في مُقَدِّمة وتمهيد وخمسة فصول وخاتمة.
تَناول التمهيد: "التعريف بالفروق الفقهية ومصطلح الأحوال الشخصية والمساواة بين الذَّكر والأنثى وحالاتها في الإسلام ومجالات تكريم المرأة بالمقارنة مع بعض الأنظمة الوضعية، مع بيان الاختلافات الجسدية والعاطفية والنَّفْسِية بين الجنسين".
وخُصِّصَ الفصل الأوّل: للحديث عن "أحكام الخِطبة والزواج"؛ فَكان مِن أَهَمِّ نتائجه أنَ الرَّجل هو الذي يَطلب يَد الفتاة للزواج غالباً على ما جَرى به العُرف نَظَراً إلى حيائها وتأكيداً للرغبة فيها، وأنّ الكفاءة تُشْتَرَطُ في الزوج لِصالح الزوجة وأهلها، وللزوجة أنْ تَشترط على زوجها ما يُلائم مُقتضى العَقد، حتى يَكون لها الحَقّ في طَلَبِ الفَسخ إنْ لم يَفِ الزوج بالشَّرط، ويَحْرُم على المُسْلِمة الزواج مِن الكتابي الذي لا يؤمِن بَنَبِيِّها وقد يَفتنها عن دِينها، والتعدّد حَقٌّ للزوج لِصَلاحِيَّته للزواج بأكثر مِن واحدة.
وفي الفصل الثاني: تَمَّ الحديث عن "الأعباء المالية للزواج"، وكان مِن نتائجه أنّ المَهر والجهاز ومتاع البيت ووليمة الزواج على الزوج؛ إظهاراً لِقُدسيَّة عَقْد الزواج وتأكيداً لِجِدِّيَتِه ورَغبته في الزوجة وتكريماً لها، وتَحَدَّث هذا الفصل _أيضاً_ عن بَعض "مُستلزَمَات الزواج"؛ وخَلُصَ إلى أنّ الإشهاد واجبٌ عند عَقد الزواج، وأنّ شهادة النساء مُنفردات على عَقد الزواج جائزة، ويَحرم على الرِّجال لبس الذهب والحرير؛ لِمَا يُورثانه مِن الفَخر والخُيَلاء والتَّخنُّث، بالإضافة إلى أنّ لبس الذَّهب للرِّجال _بِمُرور الزَّمن_ يُسبِّب مرض الزهايمر.
وتَحَدَّث الفصل الثالث: عن "الفَرق بين الجِنْسَيْن في الولاية والقوامة"، حيث تَوَصَّلَتِ الدِّراسةُ إلى وجوب اشتراط الولي في عَقْد النكاح إحرازاً لَمَصلحة المرأة وخَوْفَ فَوَات الكُفء، وأنَّ الزوج هو صاحب القوامة على زوجته بالنَّظر إلى ما فيه مِن حُسن التدبير وكَمال العَقل والقُوَّة بالإضافة إلى ما عليه مِن مُستلزَمَات مالية، وأنّ النفقة الزوجية على الزوج لأنّ المرأة مُحْتَبَسَةُ لِحَقِّ الزوج حيث تَقوم على البيت والأولاد، كَمَا أنّ على الزوجة أنْ تُطيع زوجَها حتى تَحفظ شخصيَّتَه ورُجولَتَه ويَستقرّ البيت لأنّه صاحب القوامة، وأنَّ تَدبير شؤون البيت الدَّاخلية _عُرْفَاً_ على الزوجة حتى لا يُكَلَّف الرَّجل فوق طاقته وتَنهار قوامته، وأنّ علاج الزوجة الناشزة يكون بالموعظة ثُمَّ بالهجر في المَضجع إذا لم تَستجب ثُمَّ بالضرب غير المُبْرِح إذا لم يُفِدِ الهجر والحِرمان، وعلاج الزوج الناشز بالتصالح معه ثُمَّ الصبرعليه ثُمَّ الشَّكوى لأهلها وأهل الإصلاح إنْ تَكرَّر أذاه لها وإلاّ لَجَأتْ إلى القضاء.
وتَنَاول الفصل الرابع: "فُرَقَ الزواج"، وكان مِن أَهمِّ نتائجه أنّ الأصل في الطلاق الحَظْر ولا يُباح إلاّ لِحَاجة، وهو بِيَد الرَّجل الذي يَدفع التكاليف المالية وله القُدرة على ضَبْط أعصابه ولا يُطَلِّق إلاّ مُضطراً، وللمرأة حَقّ طَلَب الخُلع مِن زوجها لأنّها قد تَرغب في الخلاص منه لِسَبب مِن الأسباب وتَخشى ألاّ تُؤدِّي حَقّ الله في طاعته، كَمَا أنّ لها حَقّ طلب الفسخ منه _قَضاءً_ إذا أَعسر بالنفقة، أو كان به عَيب يَحول دون الاستمتاع، أو عند غَيبته أو حَبسه أو فَقْدِه مِن حيث المبدأ، وعند النِّزاع الذي يُؤدِّي إلى إساءة العِشرة للزوجة، وكُلُّ ذلك دَفْعَاً للضَّرَرِ عن الزوجة، وأنّ اللِّعان حَقٌّ للزوج عندما يَتَّهِم زوجته بالزنى، ولا يَثبت ذلك للزوجة حال زنى زوجها؛ لأنّها لا تُعَيَّر بِزِنَاه، ولا يُنْسَبُ لها الولد الذي جاء مِن الزنى، وحتى لا يُفتح المَجال لِكُلِّ مَن تَكره زوجَها أنْ تتخلَّص منه باتهامه بالزنى.
وفي الفصل الخامس: تَناوَلَتِ الدِّراسةُ "الآثارَ المُتَرَتِّبة على الفُرقة الزوجية"، فَكان مِن نتائجها أنّ عِدَّة المرأة على زوجها واجبة عند الطلاق أو الوفاة؛ صِيانة للأنساب مِن الاختلاط بِفَسْحِ المجال أمام المرأة للتَّخَلُّص مِن الشفرة الوراثية وتعظيماً لِحَقِّ الزوج، وعليها الإحداد عند وفاته للتعبير عن مشاعر حُزنها والتَّأَسُّف على فَوَات نِعمة الزواج، تقديساً لرابطة الحياة الزوجية، وأنّ الحضانة حَقٌّ ثابت للأُمّ لأنّها أَرفق بالصغير وأكثر تَفَرُّغاً لِخِدمته، والأُمّ أَحَقُّ بالإرضاع مِن غيرها لأنّ الإرضاع مِن خصائص الولادة وهي أقرب الناس إلى الصغير وأَشْفَقُهُم عليه، وأنّ صاحب الحقّ في الرَّجعة _ في عِدَّة الرَّجعية_ هو الزوج إذا وَجَد أنّ المَصلحة في إبقاء الحياة الزوجية واستدامتها، وأنّ اختلاف نَصيب الأُنثى عن الذَّكر في الميراث كان لِمَصلحتها؛ حتى لا تُطَالَبَ بِنَفْس التكليفات المَطلوبة مِن الرَّجل، ولِيكون ذلك أَدعى إلى استثمار المال وتَنميته.
وكَان مِن أهمِّ التّوصيات التي تَوَصَّلَتْ إليها الدِّراسة: ضَرورة إنشاء مراكز علمية مُتَخَصِّصَة في البلاد الإسلامية؛ لِدِرَاسة الفروق الجَسدية والنَّفْسِيَّة والعَقْلِيَّة بين الجِنْسَيْن التي تؤيِّد الأحكام الفقهية، وإثراء الموضوع بِمَزيدٍ مِنَ الدِّرَاسات الفقهيَّة، التي تَربط بين العِلم والدِّين، وتَرُدُّ على شُبُهات المَارِقِين المُغْرِضِين، وتَفعيل دَوْرِ الدُّعاة إلى الله؛ بَقِيَامهم بِتَوعية الناس، وبيان أوجه الخِلاف بين الجِنْسَيْن، والحِكمة مِن وَرائها، لإبراز سَماحة الإسلام.