Abstract:
إختصت هذه الدراسة بإستكشاف التحديات التي تواجه تمويل المنظمات غير الحكومية في مجال تمويل مشاريع العمل الطوعي والقيام بدراسة تطبيقية على نماذج من المنظمات الوطنية والأجنبية في ولاية الخرطوم والتي أنشئت في الفترة ما بين (1984 وحتى 2011)، وهي بالتالي تمثل مشكلة البحث، حيث تم إختيار طريقة الدراسة الوصفية التحليلية وإستخدام منهج دراسة الحالة وتم إتباع طريقة العينة العمدية، وتم تحديد أهمية البحث في ثلاثة نقاط، الأولى في أن حل مشاكل التمويل وإيجاد الحلول الناجعة لها ستؤدي حتماً إلى نقلة نوعية فاعلة في مجال العمل الطوعي والإنتقال من مرحلة المنهج الذاتي إلى مرحلة المنهج الاحترافي والذي سيوفر بدوره الاحتمالية القصوى لإنجاح أي مشروع إغاثي أو تنموي، ثانياً في أن حل مشاكل التمويل ستؤدي لإنجاح مشاريع التنمية وبالتالي ستؤدي إلى الإكتفاء الذاتي وإختفاء شبح الفقر والجوع، ثم ثالثاً في أن حل مشاكل التمويل ستؤدي إلى إختفاء شبح البطالة والذي يؤثر بصورة فاعلة على قطاع الشباب.
أما عن أهداف البحث فقد تم تحديد الهدف الرئيسي مبنياً على استقصاء التحديات التي تواجه تمويل المنظمات غير الحكومية لإقامة المشاريع والتعرف على العوامل المؤدية لعدم الحصول عليه، أما عن الأهداف الفرعية فإن أولهما سيكون هو استقصاء الفرص المتاحة من قبل المانحين للمنظمات غير الحكومية وتحديد قنوات وإمكانات وحجم التمويل، أما ثانيهما فهو معرفة ماهية المقدرات والمقومات الأساسية التي يستوجب توفرها في المنظمات غير الحكومية كبنيات تحتية قبل أن تبدأ بمطالبة الجهات المانحة للحصول على التمويل، أما عن فروض البحث فإن الفرض الأول كان هو ( أن الممولين يضعون شروطاً صعبة التحقيق تتسم دوماً بالإطالة والتعقيد والتعجيز في الإجراءات الخاصة بالحصول على التمويل وتحديداً في حالة أن المشروع كان متوسطاً أو ضخماً)، أما الفرض الثاني فكان هو (أن البيئة السياسية الداخلية والخارجية والتي أدت إلى الحصار الاقتصادي المفروض على السودان والحروب والنزاعات الداخلية، تؤثر بشكل فاعل على حجم التمويل وإمكانية توزيعه الجغرافي داخل البلاد)، أما الفرض الثالث فكان هو (أن المنظمات غير الحكومية العاملة في السودان لها جميعها مقدرات (بشرية وتقنية ومادية) تمكنها من تخطي وتحديات وعقبات الحصول على التمويل الكافي للمشاريع وخاصةً في المشاريع المتوسطة والضخمة)، وعن الفرض الرابع والأخير فكان هو ( أن تطبيق العمل الطوعي الإحترافي ووجود نسبة مشاركة وإن كانت صغيرة من (التمويل الذاتي)، ووجود وحدة خاصة لتصميم وكتابة وتنفيذ ومتابعة المشاريع، يؤثرون جميعهم بشكل إيجابي قوي على فرص الحصول على التمويل خاصة في حالة المشاريع المتوسطة والضخمة). أما عن نتائج البحث النهائية فإنه قد تم إثبات صحة جميع الفروض الأربعة السابقة بالإضافة إليها النتائج التالية (أن خبرة المنظمة في نوعية المشروع المقترح وتطابق مجاله مع المجال الذي تعمل فيه المنظمة أساساً والذي يعمل فيه المانح أيضاً، يعتبر عامل مؤثر بشكل إيجابي في حصول المنظمة على التمويل، وإن جاهزية المنظمة وتسجيلها القانوني في وزارة الشئون الإنسانية ووجود بروفايل متكامل لها يعتبر من العوامل الأساسية الأولية لقبول الممول لفكرة تمويل المشروع، ثم أن وجود خطة مبرمجة للتمويل لهي من العوامل الهامة للحصول عليه وإنعدامها يجعل هنالك شكل من أشكال التخبط والعشوائية ومضيعة للوقت والجهد، وأيضاً أن عدم وجود ميزانية دقيقة بحيث تتناسب نوعاً وكماً مع حجم المشروع تأثر بشكل سلبي على فرص الحصول عليه، ويمكن إضافة أن الإنفلات الأمني في بعض المناطق والمناخ والطقس الجغرافي الصعب له تأثيراً أيضاً، ويمكن ذكر أن وجود مصادر محدودة جداً للتمويل في مقابل كثرة الأزمات تؤثر سلباً، وأخيراً يمكن إضافة أنه وإذا كان مصدر التمويل يأتي من الأفراد ذوي الدخل المحدود فإنه عادة ما يحدث تذبذب في التمويل، والذي يعتبر أحد معضلاته التمويل.
ويمكن ذكر أنه ومن بين أهم التوصيات وكعلاج لمشكلة الشروط الصعبة والتي يضعها الممولون الأجانب للمنظمات الوطنية الصغيرة للحصول على التمويل فإنه تكمن في منحها نسبة ولو ضيئلة من قيمة التمويل وحث وزارة الشئون الإنسانية على أن تجلس مع المانحين في طاولة مفاوضات لإقناعهم بضرورة إشراك هذه الفئة بل وإعتباره كشرط هام كي يسمح للمانح بالتمويل داخل السودان، ومن أخرى تقوم الوزارة برفع كفاءة هذا النوع من المنظمات حتى تجعل الممول يضمن عدم فشل المشروع وضياع قيمة التمويل، وكمحاولة لتحسين البيئة السياسية الداخلية والخارجية فإننا نناشد الحكومة بمحاولة تخفيف حدة القبضة على الممولين والمنظمات الأجنبية ولكن مع تثبيت مبدأ سيادة الدولة على مقاليد الأمور ومناشدتها بمحاولة نشر ثقافة السلام بشكل أوسع وإبداء حسن النوايا خاصة فى الأمور المتعلقة بالعمل الطوعى.