Abstract:
على مدار التاريخ الإنساني عرفت الأرض العديد من التغيرات المناخية التي استطاع العلماء تبرير معظمها بأسباب طبيعية ، مثل بعض الثورات البركانية على مدار القرنين الماضيين أو التقلبات الشمسية ، إلا ان الزيادة المثيرة في درجات حرارة سطح الأرض وخاصة في العشرين سنة الأخيرة (بداية الثورة الصناعية ) لم يستطع العلماء إخضاعها للأسباب الطبيعية نفسها ، حيث أن للنشاط الإنساني خلال هذة الفترة أثر كبير يجب أخذه في الإعتبار لتفسير هذا الإرتفاع المطرد في درجات حرارة سطح الأرض أو مايسمى بظاهرة الإحتباس الحراري (Global Warming ) وانخفاض معدلات الأمطار الموسمية وظهور الأمطار الحمضية وتحديد عدة ملوثات جديدة مصاحبة لهذا التطور مثل الإنبعاثات والسموم الناتجة عن المخلفات الصناعية بمختلف انواعها.
ومن هنا توجب علينا تسليط الضوء على بعض المعالجات الجذرية والحلول المقترحة للتخفيف من التغيرات المصاحبة للزيادة السكانية والثورة الصناعية وماجلبته من اكتظاظ وتوسع واثار .
وأحد هذه المعاجات هي وجود الأحزمة الخضراء حول المراكز الحضرية : الحزام الأخضر هو منطقة خضراء تقع على أطراف المدن، ويكون غالباً هلاليّ الشكل، مؤلف من نباتات مختلفة وأعشاب ومصدات رياح، وهو يشمل بحيرات ومشاتل ومروج أيضاً، وعادة يشكل ممراً أخضر إلى المواقع الحضرية.
لقد قمنا في هذه الدراسة بتحديد الأثار المترتبة على وجود الحزام الاخضر المحيط بالمناطق الحضرية ومعرفة كل الفوائد والسلبيات من ووجود الحزام الأخضرفي الإطار النظري والعملي وذكر النماذج العالمية والمحلية وتحليلها في دراسة حالة مدينة الخرطوم وسرد الخلاصات والتوصيات .
لا تنحصر أهمية الحزام الأخضر في الناطق الحضرية بتحسين أداء البيئة فقط، وإنّما له فوائد على الصحة النفسية في معالجة الجو شديد الحرارة الشائع لدى الاقطار العربية، إضافة إلى المنفعة الإقتصادية التي تتجلى بتوفير فرص العمل والمساهمة في خفض أسعار المنتجات الزراعية بواسطة زيادة المشاتل والمساحات الخضراء. وعلى الرغم من فوائده الكثيرة ، غير أن الجهات الزراعية المسئولة تتجاهل للأسف تنفيذ مشاريع الحزام الأخضر.
ومن الفوائد الهامة إتاحة الفرصة لسكان المدينة للإستمتاع بخضرة وجماليات الحزام الأخضر للترفيه في نهايات اسابيع العمل بالمدينة وفي الرحلات المدرسية أو الجامعية والكشفية .
تعود الخرطوم الكبرى في تاريخها الى عصور قديمة حيث اكدت البحوث والمراجع على ان الانسان قد استوطن في موقع الخرطوم الحالي منذ سنة 400 قبل الميلاد ، واصبحت مدينة منذ القرن التاسع عشر اثناء الحكم العثماني المصري في السودان حيث اتخذت عاصمة للبلاد ، ومرت بمراحل تاريخية وعمرانية أثرت على مورفولوجية المدينة .
وقد شهدت في القرن العشرين المدينة تطورا تاريخيا وعمرانيا وتوالت النظمة السياسية عليها والهجرات الوافدة اليها . مما استوجب التوسع السكاني والزحف العمراني ونشوء العشوائيات والمخخطات الجديدة على أطراف المدينة .