Abstract:
التَّكرار ظاهرةٌ أسلوبيةٌ حُظيت باهتمام كبير من قبل النُّقاد قديمًا وحديثًا؛ لما تضطلع به من دورٍ مهم في بناء الجملة العربية، ولما تحويه من إمكانيات تعبيرية وإيحائية وجمالية يستطيع الأديب من خلالها أن يرتفع بالنَّص الأدبي إلى مرتبة الأصالة والجودة، كما أنَّها تشكل إحدى المرايا العاكسة لكثافة الشعور المتراكم في نفس الكاتب، والتي من خلالها يتمكن النُّقاد من الكشف عن الفكرة أو الشُّعور المتسلط على الأديب. وجاءت هذه الدراسة محاولة للكشف عن الآراء النَّقدية التي قيلت في التّكرار، وتتبعت طريقة التحليل الاستنباطي، فبدأت أولا بالتعريف عن صاحب المقامات "بديع الزمان الهمذاني". ثم تناولت التِّكرار في الدراسات النَّقدية القديمة من حيث المفهوم، والمنزلة، والأغراض والأقسام وما قيل فيها من آراء، كما تناولتُ التّكرار في الدراسات النَّقدية الحديثة، فكشفت عن أهميته وأقسامه ودلالاته وأهم الآراء النَّقدية التي قيلت فيه، وتتمثل إشكالية هذا البحث في أن أسلوب التكرار لم تضبط له قواعد علمية، ولم تحدد دقائق أساليبه ولا الفروق بين أنواعه فلا يستند تحليل أساليبه على مقاييس علمية، ولا توجيهات فنية تقرب الأنظار، وإنما كل الأمر عند أكثر النقاد أن حسنه ما لاءم المقام وطابق الحال وهذا حكم عام ينطبق على كل أبواب البلاغة، وإنما نريد أن يكون للتكرار أحكام خاصة به، تلائم خصوصية أسلوبه. والهدف من البحث متعدد الجوانب منها: التوصل إلى التفريق بين التكرار المحمود والتكرار المعيب، بوضع ضوابط عامة له ليتمكن من استغلال هذا الأسلوب للتعبير أو الكتابة بلا حرج. أيضاً تقسيم التكرار في المقامات وتنسيقه وفق منظور معين، وإبراز جانب من البيان الذي أورده الهمذاني في مقاماته؛ توصي الدراسة بالوقوف على جمال التكرار ترغيبا في الإقبال على دراسته والعناية به