Abstract:
ظلَّت الدِّراسات اللغويَّة تتبادل التَّأْثير والتَّأَثُّر مع ما حولها من المعارف، وهو أَمرٌ طبيعي يحدث لكافَّة العلوم والمعارف، فما تكاد تظهر نظريَّة حديثة في علم من العلوم حتى تترك صداها في كافَّة جوانب المعرفة، ولهذا شهدت بدايات القرن العشرين تدفُّق المعرفة الاجتماعيَّة والمتمثِّلة في المنهج الوضعي إِلى مجال الدِّراسات اللغويَّة، فكان لذلك المنهج أَثر كبير في تحويل مسار الدِّراسات اللغويَّة من الذَّاتيَّة إِلى الموضوعيَّة بمفهومها الوضعي، فكان هذا البحث محاولة لتقصِّي ذلك الأَثر الوافد من علم الاجتماع إِلى علم اللغة.
وقد هدفت هذه الدِّراسة إلى التَّعرف بعلم الاجتماع وموضوعه ومناهج دراسة الظَّواهر الاجتماعيِّية، وتتبّع أثر الفكر الاجتماعي في الدِّراسات اللغويَّة الحديثة(علم اللغة).
واتبع الباحث في هذه الدِّراسة المنهج الوصفي التَّحليلي والذي يقوم على وصف الظَّواهر وتحليلها للوصول إلى حقائق علميَّة حول الظَّاهرة موضوع الدِّراسة، إلى جانب استخدام المنهج التَّاريخي في دراسة بعض الجوانب.
وخلصت الدِّراسة إلى عدِّة نتائج من أهمِّها أَنَّ تأثُّر علم اللغة بعلم الاجتماعي قد تمثّل في ثلاثة أشياء: اصطناع دي سوسير المنهج الاجتماعي الوضعي لدراسة اللغة، وتغليب الجانب الاجتماعي للغة على الجوانب الأُخرى، واتِّخاذ الثُّنائيات منهجاً لدراسة اللغة. وأنَّ الذي أغرى دي سوسير باصطناع المنهج الاجتماعي لدراسة اللغ هو أنّ اللغة في جانب من جوانبها ظاهرة اجتماعيَّة تنطبق عليها جميع خصائص الظَّواهر الاجتماعيِّة حدِّدها أميل دور كايم.