Abstract:
تناول البحث في هذه الرسالة الشاعر _كشاجم الرملي_ ولادته، وبيئته, وحياته، وأسفاره, وعقيدته, وأساتذته ومعلميه, ونظرته إلى الحكم والرئاسة, ومؤلفاته، وعلومه التي ألمّ بها، ومنزلته بين الشعراء, كلّ ذلك من أجل التعرّف على هذا الشاعر،في محاولة لمعرفة الكثير من الأمور والأسرار التي أحاطت بهذا الشاعر، فجعلته منسيّاً، في وقت أتقن فيه جلّ العلوم الإنسانيّة، والعلميّة في عصره, فقد تناول هذه العلوم من مختلف جوانبها وبدلاً من أن تكسبه الشهرة والمجد, فإنّها لم تعمل عملها,ولم تدفعه إلى الشهرة التي أرادها، وعلى الرغم من اقترابه من بلاط الأمراء الحمدانيين، وأميرهم سيف الدولة, بل ومعيشته ووظيفته داخل قصورهم إلا أنّ الشهرة بقيت تجانبه.
ثمّ تناول البحث بالدراسة والتحليل ملامح شعر الطبيعة في الأدب العربي, وامتداد هذا الموضوع في مختلف عصور الأدب العربي من الجاهلية مروراً بالعصر الإسلامي, والأموي, والعباسي, وصولاً إلى شعر الطبيعة عند كشاجم, كلّ ذلك لإبراز أمرين: أولهما, أنّ هذا الغرض لم يكن وليد عصر كشاجم, وإنّما هو غرض مطروق عند العديد من شعراء العربية, فصيّر الشعراء البيئة الفقيرة شحيحة العناصر الجمالية إلى بيئة غنيّة بالعناصر الفنيّة من خلال مشاعرهم وأحاسيسهم وأخيلتهم, فجاءت الطبيعة مقطوعات شعرية نابضة بالحياة والحركة والجمال, ثانيهما: إظهار دور كشاجم في هذا المضمار, وتفنّنه في جوانبه المختلفة, فقد فتن كشاجم بالطبيعة, فوصف ما وقعت عليه عيناه, وما تنامى إلى سمعه, وما توصل إليه بعقله، وخياله، فوصف الطبيعة الحيّة والجامدة على حدٍّ سواء, فوصف السحاب والمطر, والثلج, والحدائق, والورود, والأشجار وفواكهها, بمختلف أشكالها وألوانها, ووصف الطيور, والمدن, والسفن, والرقص والراقصين والراقصات, وأدوات الموسيقى, والعازفات، وكذلك وصف دقائق الأمور من إسطرلاب, ومشط, ودواة, ومرآة, ودجاجة, ولم تفته صنوف اللعب, والهدايا التي حاز عليها من أصدقائه وخلانه, ولا غرو في ذلك فقد شاع في عصر الحمدانيين الوصف بأنواعه.
ثمّ تناول الباحث الأغراض الشعرية الأخرى لكشاجم, فلم يُعْرف بغرض شعري واحد وإن اشتهر به, بل تناول أغراض الشعر العربي, من غزل, ورثاء, ومديح, وسخرية ،وهجاء، ونقد اجتماعي، وحكمة، وتسهيلاً للتناول والبحث فقد ارتأيت أن أضع هذه الموضوعات ضمن تصنيف جديد تمثّل في ثلاث مراحل هي الأولى: موضوعات الشباب، والمجون، واللهو، ويغلب على هذه المرحلة موضوعات الخمريّات, والغزل الصريح والشّاذ, والفكاهة, والسخرية الوصفيّة.
والثانية: مرحلة النّضج والتعقّل، ويغلب على شعره فيها الموضوعات الأخلاقية كالمديح, والرثاء, والنقد الاجتماعي والإخوانيات من عتاب وتهاني...
والثالثة: مرحلة الضعف والهرم، وغلب على شعره: الحكمة, والتشيّع, والزهد, والوعظ, والشكوى من تقدّم السن والهرم.
وأخيراً، تطرّق الباحث إلى جانب الملح التي عرف واشتهر بها كشاجم, فبيّن ما للملح والطرافة والظرف من تأثير في النفس، وتخفيف لأعباء وهموم الحياة, ووضع لهذه الملح إطار عامّ للدراسة والبحث، فجعلت للملح ألوانا وأصنافا, وتظهر من خلال هذه الملح، مقدرة الشاعر الفنيّة على التقاط عناصر الأشياء وجزيئاتها، وتسليط الأضواء عليها، ممّا يجعل لهذه الملح التأثير في نفس المتلقي والقارئ. ولعلّ مقدرة الشاعر في جانب وصف الطبيعة، يفسّر طرافة هذه الملح وظرافتها، في أجواء امتلأت فيها النفوس بالكدّ، والعمل، وعبقت فيها البيئة بغبار المعارك مع الأعداء المتربّصين بإمارة بني حمدان، وصولاً إلى بغداد العاصمة العبّاسية درّة المشرق والمغرب.
وأخيراً احتوت الخاتمة على مجموعة من النتائج التي توصّل إليها الدارس.