Abstract:
للجهاز المصرفي دور فعال في التنمية الإقتصادية والإجتماعية لجميع الدول ، ومن المتوقع زيادة موارده قد تساهم في إنجاز هذا الدور عن طريق زيادة مقدرته على تمويل المشروعات الإنتاجية المختلفة ، وكلما تمكنت المصارف من إستقطاب مزيد من الودائع ، كلما زادت مقدرتها على منح التمويل للقطاعات الإقتصادية المختلفة ، خاصة إستقطاب الموارد طويلة الأجل التي تساعد في منح التمويل طويل الأجل وهو التمويل الأكثر نفعاً للإقتصاد ، والذي يساهم في تمويل المشروعات التي تساهم في زيادة الدخل القومي بنسبه كبيرة. ويسلط هذا البحث الضوء على سياسة إستقطاب الودائع وأثرها على نوع وحجم التمويل المصرفي مع إيضاح تجربة السودان في هذا المجال . تبدو أهمية هذه الدراسة في إبرازها للدور الذي تلعبه الودائع المصرفية في منح التمويل بإعتبارها من أهم المصادر التي تعتمد عليها المصارف التجارية في تمويل القطاعات الإقتصادية المختلفة . وكلما زادت الودائع بالمصارف كلما تمكنت المصارف من منح مزيد من التمويل. وتمت مقارنة موارد وإستخدامات المصارف لفترة عشرة سنوات مع شرح المشاكل التي تواجه المصارف السودانية في إستقطاب الودائع ومنح التمويل ، وتقديم الخدمات المصرفية . وللتأكد من صحة الفرضيات أعتمد الباحث على تحليل البيانات التي حصل عليها من البنوك التجارية ، وتنمية الجهاز المصرفي ببنك السودان ، والنشرة المصرفية لإتحاد المصارف السوداني كما أعتمد على الإستقراء بالإستبيان للعاملين بالجهاز المصرفي والذي ساعد كثيراً في مد الباحث بالبيانات المطلوبة . غطى البحث فترة عشرة سنوات .
البحث مقسم إلى خمسة فصول نظرية وتطبيقية ، وتوصل الباحث إلى عدد من النتائج ووضع لها التوصيات المناسبة لعلاجها . ومن أهم النتائج التي توصل إليها هي ضعف الوعي المصرفي وقلة إنتشار الفروع بالمناطق الريفية ، حيث نجد أن معظم الفروع تتركز بالعاصمة والمدن الكبرى في الولايات المختلفة ولم تمتد إلى الريف ، أي عدم عدالة التوزيع الجغرافي للجهاز المصرفي . إرتفاع نسبة الودائع الجارية إلى إجمالي تركيبة الودائع في المصارف السودانية ، حيث أن المصارف فشلت في إستقطاب الودائع الإستثمارية التي تعطي المصارف حرية أكبر في توظيفها في تمويل القطاعات المختلفة وبآجال مختلفة عكس الودائع الجارية التي تكون معرضة للسحب في أي وقت أثناء ساعات العمل الرسمية .
ج
ضعف العائد على الودائع الإستثمارية مقارنة بمعدلات التضخم حيث أن المصارف توزع أرباحاً على أصحاب الودائع الإستثمارية ضعيفة لا تشجيعهم على الإستمرار في إستثمار أموالهم بالمصارف والتحول إلى جهات أخرى أكثر عائداً لودائعهم . تسرب الكتلة النقدية إلى خارج الجهاز المصرفي خاصة بعد الإجراءات التعسفية التي صاحبت إستبدال العملة في عام 1992م وتشريع قوانين الزكاة والضرائب تعطي لهم الحق في الإطلاع على ودائع العملاء وأنشطتهم الإستثمارية بالمصارف والتي ظلت آثارها باقية حتى بعد أن تم إلغاء تلك القوانين.
معظم المصارف لا زالت تقتصر على تقديم خدمات تقليدية والتي تكون في الغالب هي محور العمل المصرفي ، وتستخدم وسائل تقليدية في تقديم تلك الخدمات ، وكذلك محدودية الخدمات التي تقدمها المصارف السودانية رغم أن المصارف العالمية اليوم تقدم أكثر من 465 خدمة مصرفية وتستخدم أحدث التقنيات المصرفية في تقديم تلك الخدمات . عجز المصارف السودانية عن منح التمويل طويل الأجل بسبب إعتمادها على موارد قصيرة الأجل حيث نجد أن معظم مواردها التي تعتمد عليها في منح التمويل تتكون من ودائع جارية وهي بطبيعتها معرضة للسحب . ضعف رؤوس أموال المصارف السودانية مقارنة مع المصارف الإقليمية والدولية ، إذ بلغ إجمالي رأس مال المصارف السودانية الكلي بنهاية العام 2004م 143,711 مليون دينار . إرتفاع حجم التمويل المتعثر بالمصارف السودانية ، إذ بلغت نسبة التمويل المتعثر لإجمالي التمويل الممنوح بنهاية العام 2004م نسبة 19% في حين أن النسبة المقبولة عالمياً للتمويل المتعثر من إجمالي التمويل الممنوح 6% .
إنتشار ثقافة الدمج المصرفي بين المصارف السودانية ، وقد تم دمج عدد من المصارف فيما بينها وأيضاً مع مصارف خارج البلاد ، إلا أن هذا الدمج لم تتبع فيه الأسس العلمية للدمج مما أدى لفشل معظم تلك العمليات .
ومن أهم التوصيات ، نشر الفروع والمكاتب المصرفية في المناطق الريفية ، والمدن الأصغر والقرى حتى بالمناطق النائية ، العمل على نشر الوعي المصرفي بين الجمهور عن طريق الإعلام والإعلان عن الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف خاصة بالمناطق الريفية ، العمل على تغيير تركيبة الودائع بالمصارف لصالح الودائع الإستثمارية وهى تعتبر الأكثر نفعاً للمصارف في مجال التوظيف ، إيقاف طباعة الفئات الكبيرة من العملة الورقية خاصة أن هناك فئات أكبر في طريقها للإصدار ، زيادة الإدخار وتعبئة الموارد من خلال نشر الوعي المصرفي والإدخاري في المجتمع ، وزيادة إستقطاب الموارد من خارج الجهاز المصرفي لزيادة موارد بالمصارف خاصة الودائع الإستثمارية لزيادة مقدرة المصارف على منح التمويل طويل الأجل .