Abstract:
تناول هذا البحث موضوع: أثر اللغات المحلية على اللغة العربية في منطقة كسلا. وهدفت الدراسة لإلقاء مزيد من الضوء على وضع اللغة العربية الآنى في منطقة كسلا، وذلك من خلال وضـع تقديــر لحجم الظواهر اللغوية ( الصوتية، الصرفية، التركيبية النحوية ) الناتجة من احتكاكها مع اللغات المحلية الرئيسة ( تبداوى ، تكرى ، هوسا ) بغرض تبيان الواقع الآني وفق معطيات قد تساعد في تعليم العربية الفصحى واستعمالها في مجالات أكثر.
اتبع الباحث المنهج الوصفى لكشف ووصف نماذج اللغة الكسلاوية ، وذلك من خلال الأدوات التى يتيحها هذا المنهج المتمثله في الاستبانات والتسجيلات الصوتية والمقابلات الشخصية. التي تمثل الإطار العملي لجمع المادة، حيث تم استخدام ثلاث استبانات، الاستبانة الأولى ( ا/و) هي عبارة عن استبانة كشفيه اعتمد عليها الباحث في إعداد ونوعية أسئلة الاستبانة الرئيسة (3/ك) ، وعينتها هي مجموعة معلمي اللغة العربية ومذيعي إذاعة وتلفزيون كسلا. أما الاستبانة الثانية (2/م)، فعينتها هي أهل اللغات المحلية الرئيسة ( تبداوى، تكرى، هوسا )، وهى بغرض استخلاص عناصر اللغات المحلية في عربية كسل .
أما الاستبانة الرئيسة ( 3/ك)، فهي الاستبانة التي أعتمد عليها البحث والباحث، وقد استصحبتها التسجيلات الصوتية والمقابلات الشخصية. وعينتها هي أهل كسلا عموماً بمختلف قبائلهم.
وفى تصنيف المادة، أعتمد الباحث الجانب الإحصائي، لتتبع الظواهر اللغوية، ومدى شيوعها على ألسنة المتكلمين. حيث تم تفريغ المــادة في جداول (صوتيه، صرفيه، تركيبيه)، وذلك لاستكشاف مدى أثر اللغات المحلية على اللغة العربية، في إطار ما يعرف باسم جغرافيا اللغات (Geolingistics).
أما فيما يتعلق بهيكلة البحث فقد تم تصنيفه في ستة أبواب، جاء أولها في شكل مقدمة تاريخية اجتماعية لغوية، مسبوقه باساسيات البحث المعروفة، وقد كشف الباحث فيها عن الجوانب التاريخية والاجتماعية المختلفة لمنطقة الدراسة، ليتبع ذلك الباب الثاني الذي يمثل الدراسة الميدانية وجمع المادة. وقد اشتمل ذلك على الاستبانات الثلاث عينة البحث، كما تم حصر نتائج هذه الاستبانات وتحليلها إحصائياً.
أما الأبواب ( الثالث والرابع والخامس ) فتمثل الجانب التطبيقي لهذا البحث، حيث أختص الثالث بالظواهر الصوتية في عربية كسلا، التي تمت مناقشتها في إطار الدراسات الصوتية على المنهج اللغوي الحديث، مما أوصل الباحث لبعض نتائج أثر اللغات المحلية في اللغة العربية، وأهمها شيوع ظاهرة الإبدال الصوتي في الصوامت التي تنفرد بها اللغة العربية دون اللغات المحلية الرئيسة، وهى أصوات ( الظاء والضاد والصاد والثاء والذال والخاء والغين ). ومن النتائج كذلك تعديل موقع النبر نحو : ضمير ـــ dami:r ( النبر على المقطع الأول ). والقلب بين الصوامت نحو : مستشفى ــــ مستفشى . وكذلك الإحلال (الإبدال) بين الصوائت نحو : حرب ــــ حرب.
وقد اختص الباب الرابع بالظواهر الصرفية المنحرفة عن العربية الفصحى. والتي يعتقد بعد مناقشتها من المنظور اللغوي الحديث، أنها طرأت بسبب تأثير اللغات المحلية وأهمها يتمثل في زيادة مورفيم حر لاحق ومورفيم حشو وخلل عام في الميزان الصرفي في كلمات عربية كسلا المحكية.
أما الباب الخامس فقد أختص بالظواهر النحوية التركيبية في كلام أهل كسلا، حيث تمت مناقشتها من منظور المدارس النحوية في علم اللغة الحديث . مما قاد إلى نتائج بينت أثر اللغات المحلية على عربية كسلا . أهمها يتمثل في الترتيب المنحرف للجملة الفعلية نحو : " الراجل الباب فتح " وكذلك رتبة الصفة نحو : " واحده بت " بدلاً من " بنت واحده " . وكذلك الخلط في استخــدام الضمائر ، نحو : الضمير " أنا" يبدل في الكلام أهل كسلا للضمير " نحن ".
وفي الباب السادس قام الباحث بتخليص نتائج البحث في الجوانب الصوتية والصرفية والنحوية في كلام أهل كسلا، التي يعتقد أنها ناتجة من أثر اللغات المحلية الرئيسة ومناقشتها وفق الدراسات اللغوية الحديثة .
وفى خاتمة هذا الباب قدم الباحث بعض التوصيات العامة والتعليمية. ومن أهم التوصيات العامة حث الباحثين على دراسة ظواهر التنغيم في عربية كسلا وإجراء دراسة فونولوجيه ومورفولوجية وتركيبيه عميقه لهذه المنطقة والمناطق الأخرى على ضوء معطيات علم اللغة الحديث . أما عن التوصيات التعليمية فإنها تحث مراكز البحوث التربوية والتخطيطية على الإفادة من نتائج هذه الدراسة والدراسات المشابهة عند تصميم مناهج اللغة العربية وذلك في سبيل طرح المنهج الملائم، وبصورة أخص لمناطق التداخل اللغوي، حتى يتسنى تعلم الفصحى وشيوع استخدامها في مواقف الحياة المختلفة.