Abstract:
يرمي هذا البحث إلي التعرف علي مفهوم ونطاق إدارة الجودة الشاملة باعتبارها نمط إداري معاصر يمثل إطاراً فلسفيا جديداً يستوعب المتغيرات البيئية المستمرة بإبعادها الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية ، سعيا للخروج عن إسار المفاهيم الفلسفية التقليدية القائمة علي فلسفة حفظ الأمن والنظام ، والعمل علي توسيع قاعدة المشاركة الجماهيرية والتنفيذية في السلطة ، لتقديم الحلول المناسبة للمشاكل المعاصرة بحيث تصبح الجودة مسؤولية تضامنية بين كافة المستويات الإدارية لتمثل رؤية متجددة تلاءم الواقع الجديد في السودان ، كما يسعي البحث لدراسة إمكانية تطبيقات الجودة الشاملة في مجال خدمات الصحة الوقائية ( خدمات صحة البيئة ) بمؤسسات الحكم اللامركزى في السودان بالتركيز علي ولاية الخرطوم.
تتلخص مشكلة البحث في الآتي :-
رغم أن خدمات الصحة البيئية قد ارتبطت بمعايير أداء متفق عليها محلياً وعالميا منذ زمن بعيد إلا أن هذه الخدمات أخذت في التدهور علي مستوى تنظيمات الحكم المحلي الأمر الذي دعي إلي ضرورة المناداة بتجويد الأداء وتحسين مستوى الخدمات بمشاركة جميع المواطنين في هذه المحليات وتطوير وإطلاق قدرات المجتمعات المحلية.
ويهدف هذا البحث الي وضع تصور يتواءم مع الطموحات الإدارية الجديدة وذلك بإدخال وتطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة عمليا كعلاج لتردى خدمات إدارة شئون الصحة الوقائية في مؤسسات الحكم اللامركزى بالسودان لتحقيق التحسين المستمر ممايحتم كشف النقاب عن محاولات الإصلاح الإداري السابقة وقصورها في ظل الأنظمة المتعاقبة وعجزها عن الوصول لمعالجات موضوعية لاخفاقات مؤسسات الحكم اللامركزى في السودان وتقديم إدارة الجودة الشاملة كمدخل جديد وكعلاج أكثر إيجابية مماسبق من محاولات .
استخدم الباحث المنهج الوصفى التحليلي و المنهج التاريخي لوصف الظاهرة نوعيا وكمياً بغرض تتبعها وتأصيلها واختبار فروض البحث ، وقد حصل علي المعلومات الثانوية من
الكتب والمجلات والدوريات والتقارير الرسمية أما البيانات والمعلومات الأولية فقد تمكن من جمعها من الأشخاص المعنيين من خلال استخدام وسيلتي الاستبانه والمقابلة ومن خلال ملاحظاته الخاصة وممارساته السابقة كضباط إداري .
أعتمد الباحث العينة الطبقية لأغراض بحثه والعشوائية عن طريق التوزيع التناسبي وقد استخدمت هذه العينة الطبقية العشوائية للضباط الإداريين ومفتشي وضباط الصحة والملاحظين في ولاية الخرطوم في حين تم استخدام العينة العمدية بالنسبة لجميع القيادات الشعبية في الولاية ،هذا وقد استخدم الباحث برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية (.spss) لتحليل البيانات الأولية the statistical packages for social sciences .
تم تقسيم هذا البحث إلي خمسة فصول و خلص الباحث إلي نتائج أهمها :
1- إن السودان في حاجة لارتياد مداخل فلسفية إدارية جديدة ليتخلص نهائيا من هيمنة المدخل التقليدي القائم علي فلسفة حفظ الأمن والنظام والجباية .
2- الاهتمام بثقافة التخطيط الاستراتيجي مازال محدوداً ولا يجد الترحيب المطلوب ، كذلك العمل بمنهج الجودة الشاملة وتطبيقاتها عمليا .
3- الصحة البيئية في ولاية الخرطوم لا تجد الدعم المالي الكافي وليست لها ميزانية منفصلة ولا إدارة مستقلة .
ومن واقع هذه النتائج خلص الباحث إلي توصيات أهمها:=
1/ إصلاح الشأن الإداري بمحاولة الاستعانة بمدخل اجتماعي بيئي يقوم علي الهيكل التنظيمي الوظيفى بدلا من التركيز علي النمط القانونى والأمنى الذى اتسمت به هذه المؤسسات المحلية في الحقب السابقة مع ضرورة تنزيل مبادئ تطبيق إدارة الجودة الشاملة من خلال برنامج يشمل ولاية الخرطوم أولا ثم الولايات ثانيا.
2/ فصل إدارة صحة البيئة من إدارة الطب الوقائي وإعطائها أولوية علي المستوى الاتحادي والولائي ونشر الوعي الصحي وتفويض السلطات الإدارية للمحليات ، وتأسيس مجلس للتنسيق في مجال الصحة البيئية ، كما أنه يجب تأسيس إدارة مختصة بالبحوث والعلاقات العامة وكذلك إنشاء صندوق لدعم صحة البيئة ومراعاة الاهتمام بالجانب الوقائي للإنسان السوداني باعتباره رأس الرمح في التنمية.